بها عليه، وويل لمن يستحقها، فويح يقال لمن ينكر عليه في حال الشفقة، وويل لمن ينكر عليه مع غضب، وويس كويح كذا قالوا.
ولا يخفى أن هذا المقام يناسبه في الظاهر أن يقال: ويلك؛ لأن ذلك المنافق يستحق الهلكة التي وقع فيها، وليس محل أن يترحم ويشفق عليه، بل يستحق الغضب أشد الغضب، ولكن هذا من كمال حلمه ورحمته وحسن خلقه -صلى اللَّه عليه وسلم- مع الكافرين والمنافقين وأعدائه الطاعنين عليه فكيف بالمؤمنين المحبين له، وقد قال اللَّه تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: ٤].
وقوله:(قرضوه بالمقاريض) أي: قطعوا موضعًا أصابه البول من ثوب أو جلد كما كان في شريعتهم.
وقوله:(فنهاهم فعذب في قبره) شبه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنكار هذا المنافق التستر بنهي صاحب بني إسرائيل ما كان مشروعًا عندهم في استحقاق العذاب مع كونه محل أن ينكر وينهى عنه طبعًا، مع قطع النظر عن شرعيته لكونه شديدًا شنيعًا للتضرر في المال والنفس، وكان مظنة أن يعذر ولا يعذب، وأما التستر عند البول فهو أمر محمود يقبله الطبع السليم ويستحسنه، فيقبح إنكاره ويستحق صاحبه التشديد والتعذيب،
(١) رواه النسائي عن عبد الرحمن بن حسنة، وأما عزوه إلى أبي موسى فهي غير موجودة في الصغرى والكبرى، واللَّه أعلم.