للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ،

ــ

شارب، والمختار قصه حتى يبدو طرف الشفة ولا يُحفه من أصله، وذهب بعضهم بظاهر قوله: (أحفوا الشوارب) إلى استئصاله وحلقه وهو قول الكوفيين وأهل الظواهر وكثير من السلف، وخالفهم آخرون وأولوا الإحفاء بالأخذ حتى تبدو أطراف الشفة، وهو المختار، ويرى مالك حلقَه مُثْلةً ويؤدب فاعله، وخيز البعض بينهما، وليس ما ورد نصًّا في الاستئصال، والمشترك بين جميعها التخفيف، وهو أعم من أن يكون الأخذ من طول الشعر أو من مساحته، وظاهر الألفاظ الأخذ من الطول ومساحته حتى يبدو الإطار، وقد اشتهر عن أبي حنيفة أنه ينبغي أن يأخذ من شاربه حتى يصير مثل الحاجب، وندب بعض الحنفية توفير الشارب للغازي في دار الحرب لإرهاب العدو، ولا بأس بترك سبالته وهما طرفا الشارب، نقل ذلك عن عمر وغيره لأنه ذلك لا يستر الفم ولا يبقى فيه غمر الطعام إذ لا يصل إليه.

وقوله: (إعفاء اللحية) أي وتوفيرها وتكثيرها، في (القاموس) (١): عفى شَعَرُ البَعِيرِ: كَثُرَ، وطالَ فَغَطَّى دُبُرَهُ، والعافي: الزائد، وأعفى اللحية: وَفَّرها، وناقة عافية اللحم، كثيرته، والمشهور عندنا بقدر القبضة سنة، فإن زاد على قبضة منها يجب قطعه، كذا في السغناقي، ولا بأس إذا طالت لحيته أن يأخذ من أطرافها، فإن كان ما زاد طويلًا تركه، كذا في (الملتقط) و (الحاوي).

واختلفوا فيما طال من اللحية، قيل: إن قبض الرجل على لحيته وأخذ ما تحت القبضة فلا بأس به، فعله ابن عمر -رضي اللَّه عنه- وجماعة من التابعين، واستحسنه الشعبي وابن سيرين، وكرهه الحسن وقتادة، كذا في (الإحياء) و (قوت القلوب) (٢)، وقال النخعي:


(١) "القاموس المحيط" (ص: ١٢٠٦).
(٢) "إحياء العلوم" (١/ ١٥١)، و"قوت القلوب" (٢/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>