للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مرتبة التطهير والمبالغة، وهو أحد معاني إسباغ الوضوء الذي وقع في الأحاديث الأمر به، والترغيب فيه، والزيادة على الثلاث تعدي وإسراف وظلم منهي عنه كما جاء في الحديث، ولكنها لا تبطل الوضوء، وفي بعضها: (غسل بعض الأعضاء ثلاثًا)، وبعضها: مرتين، وبعضها: مرة، وفيها صور شتى، ثم إنه قد ورد في الأرجل المرات، وقد ورد الغسل مطلقًا من غير ذكر المرات، ولكن بقيد التنقية والتنظيف، ولذا لم يقل بعضهم بتثليث الغسل في القدمين، كذا في شرح ابن الهمام (١).

وقد وقع في بعض الروايات غسل الأعضاء كلها مطلقًا بلا ذكر عدد، وظاهره في المرة الواحدة، أو كان مقصود الراوي في ذلك المقام بيان أصل الغسل فسكت عن بيان العدد، والكل لبيان الجواز وتوسيع الأمر، والغالب التثليث، ونقل الشُّمُنِّي من (الفتاوى الظهيرية) أن من اكتفى بالمرة أثم عند البعض لتركه السنة المشهورة، ولم يأثم عند آخرين لإتيانه بالمأمور به وصحة الحديث الوارد فيها، وقال محمد في (موطئه) (٢): الغسل ثلاثًا أفضل، والاكتفاء بمرتين كفاية، والغسل مرة إن كان بالإسباغ والإكمال أيضًا يكفي، وقال: هذا مذهب أبي حنيفة -رضي اللَّه عنه-، انتهى.

ونقل عن الشافعي -رضي اللَّه عنه- أنه قال (٣): لا أحب الزيادة على الثلاث، وإن زاد لا أقول: إنه حرام، والصحيح من مذهبه كراهة الزيادة على الثلاث كراهة تنزيه، وذهب قوم إلى أن الزيادة مبطلة للوضوء كما في الصلاة من زيادة ركعة مثلًا، وهذا القياس فاسد، وقد ورد بعد ما توضأ ثلاثًا ثلاثًا أنه قال: هكذا الوضوء، فمن زاد أو


(١) انظر: "فتح القدير" (١/ ٣٣).
(٢) "التعليق الممجد" (١/ ٤٩).
(٣) انظر: "المجموع شرح المهذب" (١/ ٤٣٩)، و"فتح الباري" (١/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>