للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولهذا الأصح عندنا أنها مستحبة لا سنة، وأيضًا قد أخرج أصحاب السنن الأربعة (١) أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في تعليم الوضوء: (إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك اللَّه)، وأمر اللَّه بالوضوء إنما هو بقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: ٦] الآية، وليس فيه ذكر التسمية.

واستدل بعضهم على نفي وجوب التسمية بحديث عدم رد السلام على من سلم عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد بول أو غائط معللًا بعدم كونه على الطهارة، وهو حديث له طرق متعددة من الصحاح والحسان، وجاء في رواية (٢): أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتوضأ فسلم عليه أحد فلم يردّ عليه، فلما فرغ من الوضوء اعتذر، فهذه الأحاديث تدل على أنه كان لم يذكر اسم اللَّه من غير وضوء، فدلت على عدم التسمية قبل الوضوء، فكيف تكون واجبة بل سنة أيضًا، وفي هذا الاستدلال نظر، فإن في دلالتها على كراهية ذكر عهد في الشرع في الموضع محل بحث، وقد ثبتت التسمية قبل الوضوء بأحاديث متعددة.

قال البخاري: أحسن الأحاديث في هذا الباب حديث سعيد بن زيد، وقال إسحاق: أصح الأحاديث حديثه، والظاهر -واللَّه أعلم- أن امتناعه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحالة المذكورة عن خصوص رد السلام فإن في تأخيره وتوقفه مجالًا، ولا ضرورة في التبادر به مع عدم الطهارة لا من مطلق الذكر؛ لأنه قد جاء في الصحاح أنه كان لا يمنعه من ذكر اللَّه شيء من الحدث، بل الجنابة أيضًا إلا القرآن، وقد جاء في الحديث (٣) أنه كان


(١) "سنن أبي داود" (٨٦١)، و"سنن النسائي" (١٤٤)، و"سنن الترمذي" (٣٠٢)، و"سنن ابن ماجه" (١٠٦٠).
(٢) أخرجه أبو داود (١٦)، والنسائي (٣٧)، وابن ماجه (٣٥٣).
(٣) أخرجه الدارقطني في "السنن" (١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>