في بعض أعضائه وبقي على كفه بلل لا يجوز، ولكن أكثرهم قالوا: إن ما قال الحاكم الشهيد خطأ.
والصحيح أنه إذا غسل عضوًا من أعضائه وبقي البلل في كفه جاز بناء على ما ذكر محمد رحمه اللَّه في مسح الخف أنه إذا توضأ ثم مسح على الخف ببلة بقيت على كفه بعد الغسل جاز، ولو مسح برأسه ثم على خفه ببلة بقيت في يده لم يجز، وأيضًا قال محمد رحمه اللَّه في ما بقي على كفه من غسل العضو: هذا بمنزلة ما لو أخذ الماء من الإناء، وحمل البلل على الأعم من الباقي من غسل العضو أو المأخوذ من الإناء، هو الظاهر في حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- دون ما يخص بالمأخوذ من الإناء وإلا لم يكن في هذا القول فائدة، ووجهه أن البلل على كفه غير مستعمل، لأنه لم تقم به قربة؛ لأن الغسل يتأدى بالماء دون البلل، والفرق بين الباقي بعد المسح والباقي بعد الغسل أن الماء بمجرد ملاقاة العضو المغسول لا يصير مستعملًا ما لم يسل؛ لأنه لا يرتفع الحدث عنه إلا بالسيلان. وأما في المسح فالماء بمجرد ملاقاة بشرة الرأس يصير مستعملًا؛ لأن فرض المسح الملاقاة.
ثم اعلم أن الترمذي روى الحديث عن عمرو بن الحارث عن حبان بن واسع عن أبيه عن عبد اللَّه بن زيد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- توضأ وأنه مسح بماء غير فضل يديه كما أورده المؤلف، ثم قال (١): وروى ابن لهيعة عن حبان بن واسع عن أبيه عن عبد اللَّه بن زيد بماء غبر من فضل يديه بالباء الموحدة، أي: بقي على يديه من الماء الذي غسل به عضوًا، وهذا يوافق ما ذكر أصحابنا من جواز المسح ببلل باق على اليد بعد غسل عضو، ولكن قال: رواية عمرو بن الحارث عن حبان أصح؛ لأنه قد روي من غير وجه هذا الحديثُ