للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيه دليل على أن الجنب إذا أدخل يده في الماء لا يؤثر فيه إلا إذا أدخل بنية غسلها.

وقال الشُّمُنِّي عن (المحيط) (١): لو أدخل الجنب يده في الماء لا يضره استحسانًا؛ لأنه ربما لا يمكنه استعمال الماء إلا بالاغتراف منه، فسقط اعتباره دفعًا للضرورة، حتى لو قصد به غسل اليد يفسد الماء؛ لأن الضرورة تندفع إذا لم ينو الغسل، فإن أدخل فيه غير اليد من الأعضاء يفسده؛ لأنه لا ضرورة فيه، انتهى.

والمختار من مذهب أحمد بن حنبل (٢) رحمه اللَّه أن غمس المحدث أو الحائض أو الجنب يده في الماء أو غيرها من الأعضاء لا يؤثر فيه شيئًا؛ لطهارة بدنيهما حقيقة، إلا أن يكون لرفع الجنابة، وفي رواية: يفرق بين المحدث والجنب، بأن الأول لا يؤثر، والثاني يؤثر.

هذا، والحديث الآتي في آخر (باب مخالطة الجنب) يقتضي أن يقيد باغترافهما معًا، وإلا يلزم اغتسال كل واحد بفضل ماء الآخر، والحديث صريح في سبقته -صلى اللَّه عليه وسلم- ومبادرته إلى الاغتراف قبل أن تغترف عائشة -رضي اللَّه عنها-، ومع وجود الاغتراف معًا يلزم في المرة الثانية اغتسال كل واحد منهما بفضل ماء الآخر كما لا يخفى، اللهم إلا أن يقيد ذلك الحديث الآتي بأن لا يكون اغترافهما من إناء واحد في زمان واحد، واللَّه أعلم.

وقال محمد رحمه اللَّه في (موطئه) (٣): أخبرنا مالك حدثنا نافع عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: كان الرجال والنساء يتوضؤون جميعًا في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال محمد: لا بأس بأن تتوضأ المرأة وتغتسل مع الرجل من إناء واحد إن بدأت قبله أو بدأ قبلها، وهو قول


(١) "المحيط البرهاني" (١/ ١٣٣).
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ١٦٦).
(٣) انظر: "التعليق الممجد" (١/ ٨٣، ح: ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>