للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ: "إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَكُنْ عَلَى طُهْرٍ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: ٣٣٠].

ــ

وقوله: (وقال: إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أني لم أكن على طهر) الظاهر بالنظر إلى ما ذكر في الحديث الآتي من قوله: (إني كرهت أن أذكر اللَّه إلا على طهر) أن المانع من ردّ السلام هو اشتماله على لفظ السلام الذي هو اسم من أسماء اللَّه تعالى، وإن كان المراد به ههنا معنى السلامة، وفيه غاية تعظيم لذكر اللَّه واسمه سبحانه، لكنه يشكل بما صح من ذكره -صلى اللَّه عليه وسلم- عند الخروج من الخلاء من قوله: (الحمد للَّه الذي أخرج عني ما يؤذيني) الحديث، ومن التسمية قبل الوضوء وإن لم يكن على وضوء، وأنه كان يذكر اللَّه على كل أحيانه، ولم يكن يحجبه عن القرآن شيء إلا الجنابة، وأنه كان يخرج من الخلاء فيقرئهم القرآن ونحو ذلك، وحملوه على أن هذا عزيمة، وكل ما ذكرتم من قبيل الرخصة فعلها تعليمًا للجواز وتسهيلًا للأمر عليهم.

وأقول: إنه لا يجري هذا الجواب في التسمية قبل الوضوء، فإنه عزيمة بلا شبهة لا رخصة، بل كل ما رود في موضع معين يستحب ذكره فيه كما لا يخفى، فالظاهر -واللَّه أعلم- أن ذكر اللَّه لا على طهر في غير ما ورد فيه من الشارع الندب إليه جائز، لكن مع الطهارة أفضل وأكمل وأولى.

وقد ورد عليه في ذلك الوقت من عظمة اللَّه وسلطانه ما لم يتركه إلا أن يذكره بدون الطهارة، خصوصًا في مثل رد السلام مما يسع التأخير فيه، ولكنه لم يؤخر إلى الوضوء لئلا يذهب الرجل ويفوت الرد بطول العهد، ولعله كان حضور الماء في ذلك غير قريب فتيمم ورد، أو تعليمًا بأن التيمم يكفي في مثل هذا مع عدم تعذر وجود الماء، فافهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>