للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الكلام في هذا الحديث طويل نذكر منه ما تيسر بتوفيق اللَّه ولا نخاف التطويل، فاعلم أن نبيذ التمر هو أن ينبذ التمر في الماء ويترك أيامًا حتى يخرج حلاوته وقد يحدث فيه شيء من الحدة، وسيجيء الكلام فيه وفي أحكامه في (باب الأشربة).

واختلف في التوضؤ به فعند أبي حنيفة وسفيان رحمهما اللَّه جاز الوضوء به إذا لم يوجد ماء خالص، ومع وجوده لا يجوز التيمم، وقيل: النية شرط عند أبي حنيفة -رضي اللَّه عنه- في الوضوء بالنبيذ كأنه بدل من الماء مثل التراب، وعند الشافعي وأحمد لا يجوز ويجب التيمم، وهو قول أبي يوسف ورواية عن أبي حنيفة، ويحكى رجوعه إلى هذا القول، وعند محمد يتوضأ ثم يتيمم كما في الماء المشكوك كسؤر الحمار.

ويروى عن الطحاوي أنه قال: إن قدر على الماء المكروه ونبيذ التمر توضأ بالماء المكروه إجماعًا.

وفي الاغتسال بنبيذ التمر قولان عن أبي حنيفة، والاختلاف في نبيذ يكون حلوًا رقيقًا يسيل على الأعضاء كالماء وإن اشتد وصار حديدًا، فإن كان من غير نار فهو حرام لا يجوز الوضوء به، وإن غيرته النار إن كان حلوًا جاز عند أبي حنيفة -رضي اللَّه عنه- لكون شربه حلالًا عنده، وعند محمد لا يجوز لحرمته عنده، ولا يجوز الوضوء بسائر الأنبذة كنبيذ الزبيب ونحوه كما هو مقتضى القياس؛ لأن الوضوء لا يجوز إلا بماء مطلق لم يتقيد باسم آخر، ولهذا لا يجوز بماء الورد والخل مثلًا، وإذا لم يوجد الماء المطلق وجب التيمم لقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣]، وهذا هو دليل الأئمة القائلين بعدم جواز الوضوء بالنبيذ، ومتمسك الإمام أبي حنيفة في تجويزه هذا الحديث عن أبي زيد عن ابن مسعود أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له ليلة الجن، وهي الليلة التي جاءت الجن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وبايعوه، وسمعوا منه القرآن، وأخبروا به قومهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>