للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: ٢٢٠].

ــ

شأنها ذلك؛ لأنه اسم مشترك بينه وبين الفرس الطويل وغيرهما، كذا قال الشيخ، وقال الكرماني (١): لفظة (من) زيادة وردت تأكيدًا، وفي (الأزهار): للتبيين ليخرج عنه غيره من المائعات، وهذا هو الصحيح، كذا في بعض الشروح، وفي الوجه الأول من هذه الوجوه نظر؛ لأن المقام يكفي قرينة على عدم إرادة معنى الفرس وغيره، كما لا يخفى، وكلمة (أو) على الترادف للشك من الراوي، وعلى الفرق يحتمل التخيير.

وقوله: (فإنما بعثتم ميسرين) على صيغة اسم الفاعل وكذلك (لم تبعثوا معسرين)، ومعنى (بعثتم) أخرجتم من قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠]، أو وصفوا بوصف متبوعهم وهو الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو هذه العبارة كناية عن وصفه -صلى اللَّه عليه وسلم- نفسه بهذا الوصف، كما يقول المتبوع لأتباعه: أنتم كذا وأنتم كذا يصفهم بأوصافه ومراده وصف نفسه بها، فافهم.

واعلم أن الحديث يدل بظاهره على أن الأرض تطهر بصب الماء إذا ورد على النجاسة على سبيل المكاثرة والغلبة، وعلى أن غسالة النجاسة طاهرة، وإن اندفعت إلى موضع آخر من أرض أو بدن أو ثوب أو خرجت من الحصير إلى الأرض، واختلف فيه على أقوال، ثالثها: إن انفصلت وقد طهر المحل فطاهرة وإلا فنجسة، وإن انفصلت متغيرًا لونها أو ريحها يتنجس إجماعًا، كذا في (مجمع البحار) (٢).

وقال الطيبي (٣): فيه دلالة على أن الأرض إذا أصابتها نجاسة لا تطهر بالجفاف، ولا يجب حفر الأرض ولا نقل التراب إذا صب عليه الماء، والحفر والنقل واجب عند


(١) "شرح الكرماني" (٣/ ٧١).
(٢) انظر: "مجمع بحار الأنوار" (٣/ ٤٧٩).
(٣) "شرح الطيبي" (٢/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>