للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فأشار الطيبي إلى ذلك.

وقال الشُّمُنِّي: لا دلالة لهم في هذا القول لأن معناه أدخلت كل واحدة منهما وهي طاهرة كما يقال: دخلنا البلد ركبانًا، فإن معناه دخل كل منا وهو راكب لا أن جميعنا راكب عند دخول كل منا، ولهذا جعل بعض أصحاب أحمد القائلين بعدم اشتراط كمال الطهارة وقت اللبس هذا القول دليلًا عليه، إذ كونهما طاهرتين أعم من أن يوجد ذلك معًا أو واحدة بعد الأخرى كما ذكر الشُّمُنِّي، وهذا الكلام من الشُّمُنِّي بعد تسليم دلالة القول المذكور على الاشتراط محلُّ منع إذ ليس ذلك نصًّا فيه، فيمكن أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبر بما كان حاله في الواقع، ويكون الواقع لبسهما معًا على طهارة كاملة فمسح، ولا يدل قطعًا على أنه مسح لأجل ذلك حتى لو لم يكن كذلك لما مسح، ويجوز أن يكون المسح جائزًا في غير هذه الصورة أيضًا وفيها أتم وأكمل، فافهم.

نعم الأحاديث الأخر كحديث أبي بكرة الآتي وحديث صفوان بن عسال كما ذكر في شرح (كتاب الخرقي) (١) قال: أمرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثًا إذا سافرنا، ويومًا وليلة إذا أقمنا، الحديث، لا كما ذكر المؤلف، تدل على الاشتراط بحمل الطهارة على الكامل منها للإطلاق، ولأن ما اشترطت له الطهارة اشترط كمالها كمس المصحف ولكنها ليست نصًّا في الدلالة على كمالها عند اللبس، بل يجوز أن يكون كمالها عند الحدث كما هو مذهبنا؛ لأن الخف جعل مانعًا لحلول الحدث بالقدم فيراعى كمال الطهارة وقت المنع، حتى لو كانت ناقصة عند ذلك كان الخف رافعًا، كذا في (الهداية) (٢)، فتأمل.


(١) "شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (١/ ١٤٠).
(٢) "الهداية" (١/ ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>