للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المحقق والإمام المدقق كمال الدين بن الهمام (١)، حافظ الرواية، وصاحب الدراية، فإنه رحمه اللَّه قد أثبت مذهب أبي حنيفة بالأحاديث والآثار الصحيحة البواهر، وبلغ في هذا الأمر إلى أن كاد يقال: إن الشافعي من أصحاب الرأي، وأبا حنيفة من أصحاب الظواهر، ومما سنح لي على الإجمال من الدليل على كون مذهب الإمام أبي حنيفة موافقًا للحديث والأثر، موافقته لمذهب الإمام أحمد إلا ما قلّ وندر، ولا ريب أن مذهب الإمام مؤسَّس على الأحاديث الصحيحة والآثار الصريحة، وما ذكر في كتبنا من الدلائل العقلية والقياسات الفقهية إنما هي لترجيح بعض الأحاديث على بعض بالخصوص، وليس كما زعم المخالفون من قبيل القياس في مقابلة النصوص، وأيضًا ما يضعّفه الشافعية من بعض الأحاديث التي تمسك بها أبو حنيفة كما ذكر في الكتاب، فهو بضعف بعض الرواة الذين جاؤوا بعده، لا في الذين قبله، فهو عنده كان صحيحًا بلا شك وارتياب، ومن مذهب أبي حنيفة وجوب تقليد الصحابي فيما قال، والشافعي يقول: نحن رجال وهم رجال (٢)، وأبو حنيفة رحمه اللَّه يقدم أقسامًا من الحديث على القياس من غير خلاف ونزاع، فهو أكثر موافقةً للأحاديث، وأدخل وأثبت قدمًا في الاتِّباع.


= بالوفيات" (٦/ ٢٣)، و"تاريخ ابن خلدون" (٣/ ٢٠١)، و"أعلام المحدثين" للمحقق (ص: ٦٥ وما بعدها).
(١) الشيخ الإمام كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي، المعروف بابن الهمام، الحنفي، ولد تقريبًا سنة تسعين وسبع مئة، وتوفي في رمضان سنة إحدى وستين وثمان مئة، وله تصانيف، منها "فتح القدير" في شرح "الهداية"، و"التحرير" في أصول الفقه. انظر: "كشف الظنون" (٢/ ٢٠٣٤)، و"حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة" (١/ ٤٧٤)، و"الفوائد البهية" (ص: ١٨٠).
(٢) انظر: "حجة اللَّه البالغة" (١/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>