بين الصلاتين، فقال:(وإن قويت على أن تؤخرين الظهر وتعجلين العصر فتغتسلين) يعني غسلًا واحدًا، وتجمعين بين هذين الصلاتين، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بينهما فافعلي، وتغتسلين مع الفجر غسلًا على حدة، فيحصل لك ثلاث اغتسالات في اليوم والليلة، فافعلي وصلي وصومي.
وقوله:(إن قدرت على ذلك) تكرير وإشارة إلى أن فيه مشقة وإن كان الغسل لكل صلاة أشق، ثم تأخير الظهر والمغرب عن وقتهما يحتمل أن يكون المراد به أداءهما في وقت العصر والعشاء كما يكون للمسافر في الجمع بين الصلاتين عند الشافعية كما نقله الطيبي (١) من الخطابي وهو جمع حقيقي، ويحتمل أن يكون المراد أداء كل منهما في آخر وقته متصلًا بوقت العصر والعشاء، ثم أداء العصر والعشاء في وقتيهما وهو الجمع الظاهري الذي يؤول به أصحابنا جمع المسافر، فتغتسل للظهر وتصليها وتصلي العصر بعدها متصلًا، وكذا المغرب والعشاء، كما صرح به في شرح الشيخ.
فإن قلت: لا يسع للحنفية هذا التأويل إذ عندهم ينقض خروج الوقت وضوء المعذور فينقض غسله أيضًا فلا تبقى طاهرة، فإنها تخالف سائر المعذورين، فقد أوجب عليها الغسل لكل صلاة بعض الصحابة كما سيذكر للعصر والعشاء، فلا يجدي هذا التأويل فيما نحن فيه نفعًا. قلنا: لعله لا ينقض الغسل في حق هذه المستحاضة بحكم هذا الحديث، وأصحابنا يخصون النقض بالوضوء بغير هذه القضية، على أنه يلزم مثل هذا الشيء على الشافعية أيضًا فإنهم يوجبون الوضوء على المعذور لكل صلاة، وفي هذه القضية لا يكون الغسل لكل صلاة، فلا بد من التخصيص، فافهم.