للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد وقع فيما رواه عبد الرزاق وأبو داود في (المراسيل) (١) من طريق عبيد بن عمير الليثي -أحد كبار التابعين- أن عمر لما رأى الأذان جاء ليخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له -صلى اللَّه عليه وسلم-: (قد سبقك بذلك الوحي)، وهذا أصح. وقد روى البزار (٢) عن علي -رضي اللَّه عنه- أنه قال: لما أراد اللَّه أن يعلم رسوله الأذان جاء جبرئيل عليه السلام بدابة يقال له: البراق، فركبها حتى أتى بها الحجاب الذي يلي الرحمن، فبينما هو كذلك إذ خرج ملك من الحجاب فقال: يا جبرئيل من هذا؟ فقال: والذي بعثك بالحق إني لأقرب الخلق مكانًا وإن هذا الملكَ ما رأيته منذ خُلِقْتُ قبل ساعتي هذه، فقال الملك: اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، فقيل له من وراء الحجاب: صدق عبدي أنا أكبر أنا أكبر، وذكر بقية الأذان.

ووردت فيه أحاديث كلها ضعيفة مخالفة لما ورد في الخبر الصحيح من أن بَدْءَ الأذان كان بالمدينة، وقيل: إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أُريَه ليلة الإسراء، أو فهو قد شُرِعَ بمكة قبل الهجرة.

وقال في (فتح الباري) (٣): والحق أنه لا يصح شيء من هذه الأحاديث، وقد جزم ابن المنذر بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي بغير أذان منذ فرضت الصلاة بمكة إلى أن هاجر إلى المدينة، وإلى أن وقع التشاور، وأيّد ذلك بأنه لو كان مشروعًا قبل ذلك لما احتاج إلى التشاور، وقد يقال: الذي سمع ليلة الإسراء هو كلمات الأذان من غير أن يؤمر بإقامته وقت الصلاة، وعَلِمَ بعد رؤيا القوم أن مراد اللَّه بما أراه في السماء أن يكون سنة في الأرض، واللَّه أعلم.


(١) "مصنف عبد الرزاق" (١/ ٤٥٦، رقم: ١٧٧٥)، "كتاب المراسيل" (١/ ١٢٦، رقم: ٢٠).
(٢) "مسند بزار" (٥٠٨).
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>