سيدًا، وعبيد بن الأبرص، وأباح أموالهم، وصيرهم إلى تهامة، وأبي أن يساكنهم في بلد، فسارت بنو أسد ثلاثًا، ثم إن عبيدة قام فقال: أيها الملك اسمع مقالتي:
يا عين فابكي بني أسد ... فهم أهل الندامة
فرق قلب حجر حين سمع قوله، فبعث في أثرهم، فأقبلوا، ولم يطل الأمر حتى ثاروا عليه وقتلوه، فهددهم ابنه امرؤ القيس بفرسان قحطان، وبأنه سيحكم فيهم ظبي السيوف، وشبا الأسنة شفاء لقلبه وثأرًا بأبيه، انظر الكلام على حياة امرئ القيس، فخاطبه عبيد بقصيدة يفتخر فيها بمآثر قومه، ويتحداه قال:
يا ذا المخوفنا بقتل أبيه إذلالًا وحينًا
ويذكر أن عبيدًا عمر طويلًا جعله ابن رشيق ثلاثمائة سنة، وفيه مبالغة.
وعبيد من الشعراء الجاهليين الذين وضعت حول موتهم الأساطير شأن امرئ القيس، والحلة المسمومة، وطرفة وتفاصيل مقتله، وكلها تدل على أنه قتل بأمر المنذر بن ماء السماء الملك، فقد كان له يوم بؤس ويوم نعيم، وكان يقتل أول من رأى في يوم بؤسه فرآه في يوم يؤسه فقتله.
وشعر عبيد منثور في كتب الأدب، وله ديوان عثر على مخطوطته المستشرق الانكليزي السر تشارلس ليال، فحققه وطبعه وعلق حواشيه، وألحق به في ملحق وذيل ما وجده لعبيد من شعر في كتب العرب، ونقله إلى الإنكليزية وختمه بفهارس متعددة كلها جزيل الفائدة.
وشعر عبيد هو شعر الجاهلية الأولى بما فيه من مادية وعزة وأنفة، وصدق وغلو في الفخر، وبما فيه من تعدد المواضيع في القصيدة الواحدة،