والوقوف على الأطلال والبكاء عليها، وسؤالها عن الأحبة، ووصف للظعائن، ورسم مخطط جغرافي للأماكن التي تمر بها، وبما يحتويه من وصف الناقة وتشبيهها بالثور الوحشي، ثم الانصراف إلى الفخر والتغني بأمجاد القبيلة، التي ينتمي إليها الشاعر، أو إلى الغرض الذي شاء أن يرمي إليه.
ولغة عبيد خشنة جافة، وحشية الألفاظ أحيانًا، وبعض قوافيه عويص كالصاد والضاد والطاء، مما لا يمكن فهمه دون اللجوء إلى المعاجم، وربما مرت بك ألفاظ لا يمكن أن يعاد اشتقاقها إلى مادة صريحة في كتب اللغة.
وأكثر ما تكون خشونة ألفاظه في وصف الديار الخالية، ووصف الناقة والحرب، أما في غير ذلك فتلطف بعض اللطف وتنجلي، وكثير من أوزانه يشوبه الوهن والاضطراب كما يظهر لك ذلك في بعض أبيات معلقته، مما يدل على أن الأوزان كانت لا تزال متقلقلة في أيامه، وهذا ما جعل ابن سلام يقول عنه: وشعره مضطرب اهـ من الديوان بتصرف.
وذكر التبريزي نقلًا عن محمد بن عمرو بن أبي عمرو الشيباني أن عبيد بن الأبرص كان رجلًا محتاجًا، ولم يكن له مال، فأقبل ذات يوم، ومعه غنيمة، ومعه أخته ماوية، ليورد غنمه. فمنعه رجل من بني مالك بن ثعلبة، ورده أسوأ رد، فانطلق حزينًا مهمومًا لما صنع به المالكي، حتى أتى شجرات، فاستظل هو وأخته تحتهن، فناما، فزعم أن المالكي نظر إليه نائمًا، وأخته إلى جنبه، فقال:
ذاك عبيد قد أصاب ميا ... يا ليته ألقحها صبيا
فحملت فولدت ضاويا
فسمعه عبيد فساءه ذلك، فرفع يديه نحو السماء، فابتهل فقال: اللهم إن كان هذا ظلمني ورماني بالبهتان فأدلني منه، ثم نام، ولم يكن قبل ذلك