وخرج طرفة حتى أتى صاحب البحرين بكتابه، فقال له صاحب البحرين: إنك في حسب كريم، وبيني وبين أهلك إخاء قديم، وقد أمرت بقتلك فاهرب إذا خرجت من عندي، فإن كتابك إن قرئ لم أجد بدًّا من أن أقتلك، فأبى طرفة أن يفعله، وقال: لقد اشتدت عليك جائزتي، فأحببت أن أهرب، وأن أجعل لعمرو بن هند علي سبيلًا، كأني أذنبت ذنبًا، والله لا أفعل ذلك أبدًا، فلما أصبح أمر بحبسه، وجاءت بكر بن وائل، وقالت: قدم عليك طرفة، فدعا صاحب البحرين فقرأ عليهم وعليه كتاب الملك، ثم أمر بطرفة فحبس، وكتب إلى عمرو بن هند أن ابعث إلي عاملك، فإني غير قاتل الرجل، فبعث إليه عمرو بن هند رجلًا من بني تغلب، يقال له: عبد هند بن جرد، واستعمله على البحرين، وكان رجلًا شديدًا شجاعًا، فأمره بقتل طرفة وقتل ربيعة بن الحارث العبدي، قال الزوزني: انقضى حديث طرفة برواية المفضل، وذكر العتبي سببًا آخر في قتله، وذلك أنه كان ينادم عمرو بن هند يومًا، فأشرفت أخته فرأى طرفة ظلها في الجام الذي في يده، فقال:
ألا يا ثاني الظبي ... الذي يبرق شنفاه
ولولا الملك القاعد ... قد ألثمني فاه
فحقد عليه ذلك، قال العتبي: ويقال: إن اسمه عمرو، وسمي طرفة ببيت قاله، وأمه وردة، وكان من أحدث الشعراء سنًا وأقلهم عمًا قتل وهو ابن عشرين سنة، فيقال له: ابن العشرين، فقبره بالبحرين، وقالت أخت طرفة تهجو عبد عمرو زوجها لما كان من إنشاده الملك ذلك الشعر، واسمها كبيشة: