ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
يتأكلون ملامة ومذمة ... ويلام قائلهم، وإن لم يشغب
قالت: ويح لبيد بن ربيعة كيف لو بقي إلى مثل هذا اليوم؟ . قال هشام: قال أبي: فكيف لو بقيت عائشة رضي الله عنها إلى هذا اليوم. قال هشام: وأنا أقول: كيف لو بقي أبي إلى هذا اليوم؟ وأنا أقول: رضي الله عن الجميع كيف لو رأوا هذا الزمان وأهله الذين صاروا خلاً ودودًا، بل حيات وعقارب، وذئابًا وثعالب.
عاش لبيد رضي الله عنه مائة وثلاثين سنة، وأدرك معاوية بن أبي سفيان، وقال بعضهم: عاش مائة وأربعين سنة، وقال حين طوى سبعًا وسبعين:
قامت تشكي إلى النفس مجهشةً ... وقد حملتك سبعًا بعد سبعينا
فإن تزادي ثلاثًا تبلغي أملاً ... وفي الثلاث وفاء للثمانينا
فلما بلغ تسعين حجة قال:
كأني وقد جاوزت تسعين حجةً ... خلغت بها عن منكبي ردائيًا
فهو يعني أن مضي هذه السنين في سرعتها بمنزلة خلع الرداء عن الكتف، فلما بلغ مائة وعشرًا قال:
أليس في مائةٍ قد عاشها رجل ... وفي تكامل عشرٍ بعدها عبر
فلما بلغ مائة وثلاثين قال:
ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا الناس كيف لبيد؟