للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبس، فأوقعوا فيهم واستاقوا إبلًا لهم، فلحقهم العبسيون، فقاتلوهم عما معهم، وعنترة يومئذ فيهم. فقال له أبوه: كر يا عنترة، فقال: العبد لا يحسن الكر، إنما يحسن الحلاب والصر، فقال: كر وأنت حر، فكر وهو يقول:

أنا الهجين عنتره ... كل امرئ يحمي حره

أسوده وأحمره ... والشعرات المشعره

الواردات مشفره

وقاتل يومئذ قتالًا حسنًا، فادعاه أبوه بعد ذلك وألحقه بنسبه. وقد أشار عنترة في شعره أكثر من مرة إلى أن له من شجاعته وبطولته ما يغنيه عن شرف النسب كقوله:

إني آمرو من خير عبس منصبًا ... شطري، واحمي سائري بالمنصل

وإذا الكتيبة أحجمت وتلاحظت ... ألفيت خيرًا من معًم مخول

يقول: إن أبي من أكرم عبس بشطري، والشطر الآخر ينوب عن كرم أمي فيه ضربي بالسيف، فأنا خير في قومي ممن عمه وخاله منهم، وهو لا يغني غنائي، وهذان البيتان من قصيدة، قالها في حرب داحس والغبراء، وقد أنفق عنترة حياته في الحروب والغزوات، واشترك في حرب داحس والغبراء التي قامت بين عبس وذبيان، وقتل فيها ضمضمًا المري، وقد أشار إلى ذلك، في معلقته.

وكان دون ريب، فارسًا مغوارًا وبطلًا شجاعًا، رفع رأس قبيلته عاليًا، ولكن شجاعته لم تصل إلى حد التهور، كما تصورها القصص، وقد نقل عن الهيثم بن عدي أنه قيل لعنترة: أنت أشجع الفرسان، وأشدها، قال: لا، قيل: فبماذا شاع لك هذا في الناس؟ قال: كنت أقدم إذا رأيت الإقدام عزمًا، وأحجم إذا رأيت الإحجام حزمًا، ولا ادخل إلا موضعاً أرى لي منه مخرجًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>