للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا عنترة كما يصوره التاريخ وكما يصوره شعره، وهذا مجمل ما عرف عن حياته ولكن عنترة صار فيما بعد بطلًا لقصة عرفت (بسيرة عنترة) وقد صور فيها بطل من أبطال الأساطير، وأضيفت إليه قصص البطولة الخارقة، التي تجعله يستقبل الجيوش وحده غير هياب، فيتغلب عليها، ويبيدها، وتعرض لأخطر المهالك، ويخرج منها سالمًا، ولم تقتصر السيرة على اختراع الوقائع والأحداث، وإضافتها إلى عنترة، بل أضافت إليه أيضًا كثيرًا من الشعر المهلهل الركيك الذي اختلط بالصحيح من شعره.

ولم يعرف من هو واضع سيرة عنترة، ويرجح أنها ليست من وضع مؤلف واحد، وذكروا من أسباب وضعها أن ريبة حدثت في بلاط الخليفة العزيز بالله الفاطمي -٩٧٥ - ٩٩٦ م، لهج بها الناس كثيرًا، فأشار الخليفة على رجل يدعى يوسف بن إسماعيل المصري بوضع قصة تشغل الناس عن حادثة القصر، فوضع لهم قصة عنترة هذه، فشغل بها الناس.

هذا وقد اختلف في بيان السبب الذي دعا عنترة إلى نظم هذه المعلقة، ومما قيل: إنه كان في مجلس بعد أن اعترف به أبوه وأعتقه، فسابه رجل من بني عبس، وعيره بسواده، وسواد أمه، وفاخره بشعره، فأجابه عنترة بأنه أكرم منه، وأشجع، وأحكم، وقال له في آخر كلامه: وإني لأحتضر البأس؛ وأوفي المغنم، وأعف عند المسألة، وأجود بما ملكت يدي، وأفصل الخطة الصماء، وأما الشعر فستعلم، ثم أنشأ معلقته، وكان لا يقول قبل ذلك إلا البيتين أو الثلاثة.

هذا مجمل ما قيل في الدافع إلى نظم المعلقة، ويظهر أن هذا الكلام المنسوب إلى عنترة مفتعل مختلف، وقولهم: إن معلقته كانت أول شعر قاله ظاهر البطلان؛ لأن معلقته تدل على أنه نظمها بعد حرب داحس والغبراء، أي قبل وفاته بسنوات، فلا يعقل أن يكون قد بدأ نظم القصائد في أواخر حياته،

<<  <  ج: ص:  >  >>