للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبهذا كانت عائشةُ تُفتِي وبَعضُ أزواجِ النبيِّ ، وهو قَولُ الشافِعيِّ، وإسحاقَ.

وقالَ أحمدُ بحديثِ النبيِّ : "لا تُحَرِّمُ المَصَّةُ ولا المَصَّتانِ" وقالَ إن ذَهَبَ ذاهِبٌ إلى قَولِ عائشةَ في خَمسِ رَضعاتٍ فهو مذهبٌ قَويٌّ، وجَبُنَ عنه أن يقولَ فيه شيئًا.

وقالَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ من أصْحابِ النبيِّ وغَيرِهِم: يُحَرّمُ قَليلُ الرَّضاعِ وكثيرهُ إذا وَصَلَ إلى الجَوفِ، وهو قَولُ سُفيانَ الثَّوريِّ، ومالكِ بن أنسٍ، والأوزاعيِّ، وعبد الله بن المباركِ،


= فمن مذهبنا أن من ادعى فيه أنه قرآن وتضمن حكمًا، فإنه لا يثبت ذلك الحكم إلا أن يثبت بما يثبت به القرآن من الخبر المتواتر، لأن ذلك الحكم ثبوته فرع عن ثبوت الخبر قرآنًا.
قال الإمام مالك: "وليس العمل على هذا" قال الزرقاني في "شرح الموطأ" ٣/ ٢٤٩: بل على التحريم، ولو بمصة وصلت للجوف عملًا بظاهر القرآن وأحاديث الرضاع، وبهذا قال الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة وعلماء الأمصار، حتى قال الليث: أجمع المسلمون أن قليل الرضاع وكثيره يحرم في المهد ما يفطر الصائم. حكاه في "التمهيد" ٨/ ٢٦٨.
ومن المقرر أنه إذا كان علماء الصحابة، وأئمة الأمصار، وجهابذة المحدثين قد تركوا العمل بحديثٍ مع روايتهم له، ومعرفتهم به كهذا الحديث، فإنما تركوه لعلة كنسخ أو معارض يوجب تركه، فيرجع إلى ظاهر القرآن والأخبار المطلقة، وإلى قاعدة هي أصل في الشريعة، وهي أنه متى حصل اشتباه في قصة كان الاحتياط فيها أبرأ للذمة، وأنه متى تعارض مانع ومبيح قدم المانع لأنه أحوط. قلت: وانظر "الجوهر النقي" ٧/ ٤٥٤ - ٤٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>