ومعنى قولهِ: من دانَ نَفْسَهُ يقولُ: يُحاسب نَفْسَهُ في الدُّنْيا قَبلَ أنْ يُحاسَبَ يومَ القِيامةِ.
ويُرْوى عن عُمرَ بن الخَطّاب، قال: حاسبُوا أنفُسَكُمْ قبلَ أن تُحاسَبُوا، وتَزيّنُوا لِلْعَرْضِ الأكْبرِ، وإنْما يَخِفُّ الحِسابُ يومَ القِيامةِ على من حاسبَ نَفْسَهُ في الدُّنيا (١).
ويُرْوى عن ميمونِ بن مِهْرانَ، قال: لا يكُونُ العبدُ تَقِيًّا حتَّى يُحاسِبَ نَفْسَهُ كما يُحاسِبُ شَرِيكَهُ من أيْنَ مَطْعمُهُ ومَلْبسُهُ.
[٢١ - باب]
٢٦٢٨ - حدَّثنا محمدُ بن أحمدَ وهو ابن مَدُّويه، حدَّثنا القاسمُ بن الحكم العُرَنيُّ، حدَّثنا عُبيْدُ اللهِ بن الوَليدِ الوَصَّافيُّ، عن عَطيَّةَ
عن أبي سعيدٍ، قال: دَخلَ رسولُ اللهِ ﷺ مُصلّاهُ، فَرَأى ناسًا كأنّهُمْ يكتَشِرُونَ، قال: "أما إنَّكُمْ لو أكْثرْتُمْ ذِكْرَ هاذمِ اللّذّاتِ، لَشغلَكُمْ عَمَّا أرى الموتُ، فأكْثِرُوا من ذِكْرِ هاذمِ اللّذّاتِ: المَوْتِ، فإنَّهُ لم يَأتِ على القَبْرِ يَوْمٌ إلا تكلّم، فَيقولُ: أنا بَيْتُ الغُرْبةِ وأنا بَيْتُ الوَحْدةِ، وأنا بَيْتُ التُّرابِ، وأنا بَيْتُ الدُّودِ، فإذا دُفِنَ العَبْدُ المُؤْمنُ قال لهُ القبرُ: مرحبًا وأهلًا، أما إنْ كُنْتَ لأحَبَّ من يَمْشي على ظَهْرِي إلَيَّ، فإذْ وُلِّيتُكَ اليَومَ، وصِرْتَ إليَّ، فَستَرَى صَنِيعي
(١) أخرجه أحمد في "الزهد" ص ١٢٠، وابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس" (٢)، وأبو نعيم في "الحلية" من طريق سفيان بن عيينة، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج قال: قال عمر.