قد اختلفت الأقوالُ في مرادِ الترمذي من هذا الجمع ومقصوده، والذي ارتضاه الحافظ ابنُ حجر مِن بين تلك الأقوال: أن الحديثَ إذا كان متعددَ الإسنادِ، فالوصفُ راجعٌ إلى الحديث باعتبار الإسنادين أو الأسانيد، كأنه قيل: حسنٌ بالإسناد الفلاني، صحيح بالإسنادِ الفلاني.
وإن كان الحديثُ فردًا بعدَ البحث الشديد، والمراجعة التامة، فالوصفُ وقع بحسب اختلافِ النقاد في راويه، فيرى المجتهدُ فيهم - كالترمذي - بعضَهم يقول: صدوقٌ مثلًا وبعضهم يقول: ثِقةٌ، ولا يترجَّحُ عنده قولُ واحد منهما، أو يترجح، ولكنه أراد أن يُشير إلى كلام الناس فيه، فيقول: حسن صحيح، أي: حسنٌ عندَ قوم، لأن راويَه عندهم صدوق، وصحيحٌ عند آخرين، لأن راويَه عندهم ثقة، وهو نظير قول الفقيه: في المسألة قولان، أو بحسب تَرَدُّدِ المجتهد نفسه في الراوي، فتارة يُؤديه اجتهادُه باعتبارِ حديثه وعرضِه على حديث الحفاظ ونحو ذلك إلى قصورِ ضبطه، وتارةً إلى تمامه، فكأنه حينئذٍ قال: حسنٌ أو صحيح، وغايته أنه حَذَفَ كلمة "أو" وحذفها شائع في كلامهم (١).