ذلكَ، وقلتُ: ما هذا القدَحُ بَيْنَ أهْلِ الصُّفّةِ وأنا رسولُهُ إليهم! فسيأمُرُني أنْ أُدِيرَهُ عَليْهمْ، فَما عَسى أنْ يُصِيبَني منه، وقد كنتُ أرجُو أنْ أُصِيبَ مِنْهُ ما يُغْنِيني، ولم يكُنْ بُدٌّ من طَاعةِ اللهِ وطَاعةِ رسولِه، فأتَيْتُهم فدعَوْتُهم، فلمَّا دخلُوا عليه فأخذُوا مجالِسَهُمْ، قال: "أبا هُريرةَ، خُذِ القدَحَ فأعطِهم"، فأخَذْتُ القدَحَ، فَجعلْتُ أناولُه الرَّجُلَ فيشْرَبُ حتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّهُ، فأُناوِلهُ الآخَرَ، حتّى انْتَهيْتُ بهِ إلى رسولِ اللهِ ﷺ وقد رَوِيَ القومُ كُلُّهُمْ، فأخذَ رسولُ اللهِ ﷺ القدَحَ فوضَعهُ على يَدِه، ثُمَّ رفعَ رَأْسَهُ فَتبَسَّمَ، وقال: "أبا هُريرةَ اشْربْ" فشَرِبْتُ ثُمَّ قال: "اشْربْ" فلم أزَلْ أشْربُ، ويقولُ: "اشْربْ" حتَّى قلتُ: والّذي بَعثكَ بالحقَّ ما أجِدُ لهُ مَسْلَكًا، فأخذَ القدَحَ فَحمِدَ اللهَ وسَمَّى وشَرِب (١).
هذا حديثٌ صحيحٌ.
[٣١ - باب في الجشاء]
٢٦٤٦ - حدَّثنا محمدُ بن حُمَيْدٍ الرَّازيُّ، حدَّثنا عبد العزِيزِ بن عبد اللهِ القُرشيُّ، حدَّثنا يحيى البكَّاءُ
عن ابن عمرَ، قال: تَجشّأ رجلٌ عند النبيَّ ﷺ، فقال: "كُفَّ عَنَّا
(١) صحيح، وأخرجه البخاري (٥٣٧٥)، والنسائي في الرقائق من "الكبرى" ١٠/ ٣١٥، وهو في "المسند" (١٠٦٧٩)، و"صحيح ابن حبان" (٦٥٣٥) و (٧١٥١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute