وقوله ﷺ: "يميتون الصلاة": قال النووي في "شرح مسلم" ٥/ ١٤٧: معناه: يؤخرونها، فيجعلونها كالميت الذي خرجت روحه، والمراد بتأخيرها عن وقتها، أي: وقتها المختار، لا عن جميع وقتها، فإن المنقول عن الأمراء المتقدمين والمتأخرين إنما هو تأخيرها عن وقتها المختار، ولم يؤخرها أحد منهم عن جميع وقتها، فوجب حمل هذه الأخبار على ما هو الواقع. وقال الحافظ في "الفتح" ٢/ ١٤ تعليقًا على قول أنس عند البخاري (٥٣٠): "لا أعرف شيئًا مما أدركت إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضيعت": قال المهلب: والمراد بتضييعها تأخيرها عن وقتها المستحب، لا أنهم أخرجوها عن الوقت. كذا قال، وتبعه جماعة، وهو مع عدم مطابقته للترجمة (يعني ترجمة البخاري: باب تضييع الصلاة عن وقتها) مخالف للواقع، فقد صح أن الحجاج وأميره الوليد وغيرهما كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، والآثار في ذلك مشهورة: منها ما رواه عبد الرزاق (٣٧٩٥) عن ابن جريج، عن عطاء قال: أخر الوليد الجمعة حتى أمسى، فجئت فصليت الظهر قبل أن أجلس، ثم صليت العصر وأنا جالس إيماء وهو يخطب. وإنما فعل ذلك عطاء خوفًا على نفسه من القتل. ومنها ما رواه أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب "الصلاة" من طريق أبي بكر بن =