وقد نَسَبه بعضُهم إلى الإمام الشافعي، فإن صحَّ ذلك عنه، فيكون قد ارتضى منهجَه في الاستدلال، وطريقتَه في التفقه، لا أنه يأخذ بجميع أقواله، وهذا بيِّن في المسائل المُدْرَجة في "الجامع"، فقد خالف في غير مسألة منها رأيَ الإمام الشافعي، وأخذ بقولِ غيرهِ.
الطريقةُ التي اتَّبعها التِّرْمِذِيُّ في نقلِ مَذَاهِبِ الأَئِمَّة:
ويُعَوِّلُ الإمام الترمذي في نقل أقاويل الأئمة الفقهاء ومذاهبهم على الأسانيد جريًا على الطريقة المتبعة عندَ أهلِ الحديثِ، لتوثيق المنقولات، وقد سرد في كتاب العلل الذي في آخر الجامع الأسانيد التي اعتمدها وعوّل عليها في ذلك.
فقال عن قول سفيان الثوري، فأكثرُه ما حدثنا به محمد بن عثمان الكوفي، حدثنا عُبيد الله بنُ موسى، عن سفيان الثوري. ومنه ما حدثني أبو الفضل مكتومُ بن العباس الترمذي، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان.
وما كان فيه من قول مالك بن أنس، فأكثره ما حدثني به إسحاقُ بن موسى الأنصاري، حدثنا معنُ بن عيسى القزاز، عن مالك بن أنس. وما كان فيه من أبواب الصوم، فأخبرنا به أبو مصعب المدني، عن مالك بن أنس. وبعض كلام مالك ما أخبرنا به موسى بن حِزام، أخبرنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك بن أنس.