للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البَاعِثُ على تَحْقِيْق السُّنن الأربَعَة

لما كانت السننُ الأربعة - كما سلف - لم يشترط فيها مؤلفوها الصحة، وكانت تجمعُ مع الصحيح الضعيفَ والمنكرَ، فقد وجب تمييزُ صحيحها مِن سقيمها، وتبيينُ ما يُحتج به مما لا يحتج به منها، وقد دعا إلى ذلك غيرُ واحد من الأئمة، لتنقية دين الله مما قد يشوبُه مما ليس منه، فقال ابنُ أبي حاتم (١): ولما كان الدينُ هو الذي جاءنا عن الله ﷿، وعن رسوله بنقلِ الرواة، حقَّ علينا معرفتُهم، ووجبَ الفحصُ عن الناقلة، والبحثُ عن أحوالهم، وإثباتُ الذين عرفناهم بشرائط العدالةِ والثبتِ في الرواية مما يقتضيه حكمُ العدالة في نقل الحديث وروايته، بأن يكونوا أمناءَ في أنفسهم، علماءَ بدينهم، أهلَ ورع وتقوى وحفظ للحديث، وإتقان به، وتَثَبُّتٍ فيه، وأن يكونوا أهلَ تمييزٍ وتحصيل لا يشوبُهم كثيرٌ من الغَفَلات، ولا تغلبُ عليهم الأوهامُ فيما قد حفظوه وَوَعَوْه، ولا يُشَبَّهُ عليهم بالأُغلوطاتِ، وأن يُعْزَلَ عنهم الذين جَرَحَهُمْ أهلُ العدالة، وكشفوا لنا عن عَوراتهم في كذبهم وما كان يَعتريهم مِن غالب الغفلة، وسُوءِ الحفظ، وكثرةِ الغلط والسهو والاشتباه، ليُعرف به أدلةُ هذا الدين وأعلامُه، وأمناءُ الله في أرضه على كتابه


(١) في مقدمة كتابه "الجرح والتعديل" ١/ ٥ - ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>