(١) في سنة (٥٥١) لجأ إلى دمشق نفر من بني قدامة المقادسة بعد أن اضطروا للهرب من القدس بعد استيلاء الصليبيين عليها، واستقروا مدة عامين بمسجد أبي صالح خارج الباب الشرقي، ثم تحوّلوا عنه إلى سفح قاسيون على مقربة من نهر يزيد، فبنَوا لهم دارًا تشتمل على عدد كثير من الحجرات دُعِيَت بدَير الحنابلة، ثم شرعوا ببناء أول مدرسة في الجبل وهى المدرسة العمرية التي أنشأها أبو عمر محمد بن أحمد المقدسي الجماعيلي الحنبلي المتوفى سنة (٦٠٧) هـ وكانت في غاية النشاط والازدهار، ثم تتابع البناء حولها، وعرف هذا المكان فيما بعد بالصالحية، وكان بهذه المدرسة خزانة كتب لا نظير لها، فلَعِبت بها أيدي المختلسين، وأُخذ منها الشيء الكثير، ثم نقل ما بقي منها - وهو شيء لا يذكر بالنسبة لما كان بها - إلى المكتبة الظاهرية، وبقيت من هذه المدرسة إلى يومنا هذا أطلالها تستدرّ كوامن الجفون، وتستنزف قطرات القلوب، وتُذكِّر بماضٍ حافلٍ بروائع الأجداد.