٤ - وبما أن الإمام الترمذي لم يشترط في كتابه إيرادَ الأحاديث الصحيحة فقط بل أدرج فيه الصحيحَ والضعيفَ والمنكرَ، فقد وَجَبَ تمييزُ صحيحها مِن سقيمها، وتبيين ما يُحتج به مما لا يُحتج به منها، كما دعا إلى ذلك غيرُ واحدٍ من الأئمة، نصحًا لله ولِرسوله ولعامة المسلمين، فقد قمنا بدراسةِ إسنادِ كُلِّ حديثٍ من أحاديث "الجامع"، وحكمنا عليه بما يليق بحالهِ مِن صحة أو حسن أو ضعف مسترشدين بما أصَّلَه جهابذةُ الحديث ونُقَّاده مِن أصولٍ وقواعد لِتوثيقِ الرواياتِ، وفحصِ الأسانيد، وتنقيد المتون، فقد ذكر الحافظ ابن حجر ﵀ في "نكته على ابن الصلاح"(١): أن في السنن شيئًا كثيرًا لا يَصْلُحُ للاحتجاجِ به، وأن فيها ما يصلحُ للاستشهاد به من حديث المتروكين … ثم قال: وإذا تقرر هذا، فسبيلُ مَنْ أراد أن يحتجَّ بحديثٍ مِن السنن، أو بأحاديث من المسانيد واحِدٌ، إذ جميعُ ذلك لم يَشْتَرِطْ مَنْ جمعه الصِّحَّةَ ولا الحُسْنَ خاصةً، فهذا المحتجُ إن كان متأهّلًا لِمعرفة الصحيحِ مِن غيره، فليسَ له أن يحتجَّ بحديثٍ من السنن مِنْ غير أن يَنْظُرَ في اتصالِ إسناده، وحالِ رواته، كما أنه ليس له أن يحتجَّ بحديثٍ من المسانيد حتى يُحيط علمًا بذلك، وإن كان غَيْرَ متأهِّلٍ لذلك، فسبيلُه أن يَنْظُرَ في الحديثِ إن كان في "الصحيحين" أو صرَّح أحدٌ مِن الأئمة