أما ما لم تصح، فكيف تكون سنة، وكيف يُحكم على رسول الله ﷺ أنه قاله أو فعله من غير مُسَوِّغٍ لذلك، ولا تغترَّنَّ بكثرة المتساهلين في العمل والاحتجاج في الأحكام بالأحاديث الضعيفة، وإن كانوا مصنفين وأئمةً في الفقه وغيره.
وكذا الحافظ ابنُ حجر ذكر (١) أن في "السنن" شيئًا كثيرًا لا يصلحُ للاحتجاج به، وأن فيها ما لا يصلحُ للاستشهاد به من حديث المتروكين، ثم قال: وإذا تقرر هذا فسبيلُ من أراد أن يحتجَّ بحديثٍ من السنن أو بأحاديث من المسانيد وَاحِدٌ، إذ جميعُ ذلك لم يشترطْ مَن جَمَعَه الصحة ولا الحُسْن خاصةً، فهذا المحتجُّ إن كان متأهِّلًا لِمعرفة الصحيح من غيره، فليس له أن يحتج بحديثٍ من "السنن" من غير أن ينظُر في اتصالِ إسناده، وحالِ رواته، كما أنه ليس له أن يحتج بحديثِ من المسانيدِ حتى يُحيطَ علمًا بذلك، وإن كان غيرَ متأهِّل لدَرْكِ ذلك، فسبيلُه أن ينظُرَ في الحديث إن كان في "الصحيحين" أو صرَّح أحدٌ من الأئمة بصحته، فله أن يُقلِّد في ذلك، وإن لم يجد أحدًا صححه ولا حسَّنه فما له أن يُقْدِمَ على الاحتجاج به، فيكونَ كحاطبِ ليل، فلعلَّه يحتجُّ بالباطل وهو لا يشعر.
قلنا: فوضح مما ذكره هؤلاء الأئمةُ الأعلام أنَّ النصيحة لله ورسوله تقتضي من الناظر في هذه السنن وغيرها من المسانيد