ويُؤْتى بالّذِي قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ، فَيقولُ اللهُ لهُ: فِيماذا قُتِلْتَ؟ فيقولُ: أُمِرْتُ بالجِهادِ في سَبيلِكَ، فَقاتَلْتُ حتَّى قُتِلْتُ، فَيقولُ اللهُ تعالى لهُ: كَذبْتَ، وتَقولُ لهُ المَلائكةُ: كَذبْتَ، ويَقولُ اللهُ: بَلْ أرَدْتَ أنْ يُقالَ: فُلانٌ جَرِيءٌ، فقد قِيلَ ذلك"، ثُمَّ ضَربَ رَسولُ اللهِ ﷺ على رُكْبَتي، فقال: "يا أبا هُريرةَ، أُولئكَ الثّلاثَةُ أوَّلُ خَلْقِ اللهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ القِيامةِ".
فقال الوَليدُ أبو عُثمانَ المدائني: فَأخْبرني عُقْبةُ بنُ مُسْلم أنَّ شُفَيًّا هو الّذِي دَخلَ على مُعاويةَ فَأخْبرهُ بهذا. قال أبو عُثمانَ: وحَدَّثَني العَلاءُ بن أبي حَكِيمٍ أنَّهُ كَانَ سَيَّافًا لِمُعاويةَ، قال: فَدَخَلَ عَليْهِ رَجُلٌ فَأخْبرهُ بهذا عن أبي هُريرةَ، فقال مُعاويةُ: قد فُعِلَ بِهؤُلاءِ هذا فَكَيْفَ بِمَنْ بَقي من النَّاسِ؟ ثُمَّ بَكى مُعاويةُ بُكاءً شَدِيدًا حتَّى ظَننَّا أنَّهُ هالكٌ، وقُلْنا: قد جَاءنا هذا الرَّجُلُ بِشَرٍّ، ثُمَّ أفَاقَ مُعاويةُ ومَسحَ عن وَجْهِهِ، وقال: صَدَقَ اللهُ ورَسولهُ ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٦)﴾ [هود: ١٥، ١٦](١).
(١) إسناده صحيح، الولد بن أبي الوليد وثقه أبو زرعة وابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان وذكره ابن حبان في "الثقات" وسئل أبو داود عنه، فقال خيرًا، وباقي رجاله ثقات وأخرجه مسلم (١٩٠٥)، والنسائي ٦/ ٢٣ - ٢٤. وهو في "المسند" (٨٢٧٧)، و"صحيح ابن حبان" (٤٠٨).