قال القرطبي المحدث: حيث جاء الكفر في لسان الشرع، فهو جحد المعلوم من دين الإسلام بالضرورة الشرعية، وقد ورد الكفر في الشرع بمعنى جحد النعم، وترك شكر المنعم والقيام بحقه (كما تقدم تقريره في كتاب الإيمان (من صحيح البخاري) في: باب كفر دون كفر، وفي حديث أبي سعيد "يكفرن الإحسان، ويكفرن العشير")، وقوله: فقد جاء بها أحدهما، أي: رجع بإثمها ولازم ذلك، وأصل البوء اللزوم، ومنه "أبوء بنعمتك" أي: ألزمها نفسي وأُقِرُّ بها، والهاء في قوله: "بها" راجع إلى التكفيرة الواحدة التي هي أقل ما يدل عليه لفظ كافر، ويحتمل أن يعود إلى الكلمة. والحاصل: أن المقول له إن كان كافرًا كفرًا شرعيًا، فقد صدق القائل، وذهب بها المقولُ له، وإن لم يكن، رجعت للقائل معرة ذلك القول وإثمه. نقله عنه الحافظ في "الفتح" ١٠/ ٤٦٦ - ٤٦٧ وقال: وهو من أعدل الأجوبة.