"ما يُفِرُّكَ أن تقولَ لا إله إلا اللهُ. فَهَل تَعلَمُ مِن إلهٍ سِوَى اللهِ؟ ". قال: قلتُ: لا. قال: ثُمَّ تكلَّمَ ساعةً ثمَّ قال: "إنَّما تَفِرُّ أن تقولَ: اللهُ أكبرُ، وتَعلمُ شيئًا أكبرَ من اللهِ؟ " قال: قلتُ: لا، قال:"فإِنَّ اليهودَ مَغضُوبٌ عليهم، وإنَّ النَّصاري ضُلّالٌ". قال: قُلتُ: فإنِّي حنيفٌ مُسْلِمٌ، قال: فرَأيتُ وجْهَه تَبَسَّطَ فَرَحًا.
قال: ثُمَّ أمَرَ بي، فأُنْزِلتُ عند رجلٍ من الأنصارِ جَعَلتُ أغْشاهُ آتِيهِ طَرَفَي النَّهارِ، قال: فبَينما أنا عنده عَشِيَّةً إذ جاءَهُ قومٌ في ثيابٍ من الصُّوفِ من هذهِ النِّمارِ، قال: فصَلّى وقامَ فحَثَّ عليهم، ثمَّ قال: "ولو صاعٌ ولو بِنِصْفِ صاعٍ ولو قَبْضَةٌ ولو بِبَعْضِ قبْضَةٍ يَقِي أحَدُكُم وجهَه حَرّ جهَنَّمَ أو النَّار ولو بِتَمْرَةٍ ولو بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فإنَّ أحَدَكُمْ لاقِي اللهَ وقائِلٌ لهُ ما أقولُ لكم: ألَم أجعَلْ لكَ سَمْعًا وبَصَرًا؟ فيقولُ: بلى، فيقولُ: ألَم أجعَلْ لكَ مالًا ووَلَدًا؟ فيقولُ: بلي، فيقولُ: أينَ ما قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ؟ فيَنْظُرُ قُدَّامَه وبَعدَه، وعن يَمِينِهِ وعن شِمالِه، ثمَّ لا يجدُ شيئًا يَقِي بِه وجهَه حَرَّ جهَنَّمَ، لِيَقِ أحَدُكُم وجهَه النَّارَ ولو بِشِقِّ تَمرَةٍ، فإن لم يَجِدْ فبِكَلِمَةٍ طَيِّبةٍ، فإنِّي لا أخافُ عليكم الفاقةَ، فإنَّ اللهَ ناصِرُكُم ومُعْطِيكُمْ حتَّى تَسِيرَ الظّعِينَةُ فيما بينَ يَثْرِبَ والحِيرَةِ أو أكْثَرَ، ما