للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] يعني: صِمامًا واحدًا (١).

هذا حديثٌ حسنٌ.


(١) إسناده قوي على شرط مسلم، وهو في "مسند أحمد" (٢٦٦٠١) و (٢٦٦٤٣)، و"شرح مشكل الآثار" للطحاوي (٦١٢٩).
قوله: صمامًا واحدًا، قال السندي في حاشيته على "المسند": أي: مسلكًا واحدًا هو الفرج، فالحاصل أن الآية ليست لتحليل الإتيان في الدبر، وإنما لتحليل الإتيان في القبل من الدبر، وقد ثبت عن النبي غير ما حديث في النهي عن إتيان الرجل زوجته في دبرها ولعن فاعل ذلك، وهي مخرجة في "شرح مشكل الآثار" (٦١٣٠ - ٦١٣٤).
قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" ٤/ ٢٦١ بتحقيقنا: وقد دلت الآية على تحريم الوطء في دبرها من وجهين: أحدهما: أنه أباح إتيانها في الحرث، وهو موضع الولد، لا في الحُش (الدبر) الذي هو موضع الأذى.
وموضع الحرث: هو المراد من قوله: "من حيث أمركم الله" قال: ﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ أي: من أين شئتم من أمام أو من خلف، قال ابن عباس: ﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ﴾ يعني الفرج.
وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض، فما الظن بالحش الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جدًا من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان.
وأيضًا فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل، ولم يُخلق له، وإنما الذي هيئ له الفرج، فالعادلون عنه إلى الدبر، خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعًا.
وأيضًا، فإن ذلك مضر بالرجل، ولذا ينهى عنه عقلًا الأطباء من الفلاسفة وغيرهم، لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه، والوطء في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>