للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾ إلى آخر الآية (١) [آل عمران: ١٦١].

هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ. وقد رَوَى عبدُ السلامِ بن حَرْبٍ عن


(١) ضعيف، خصيف - وهو ابن عبد الرحمن - سيئ الحفظ، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير مقسم فمن رجال البخاري.
وأخرجه أبو داود (٣٩٧١). وهو في "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (٥٦٠١) و (٥٦٠٢).
قال السمين الحلبي في "الدر المصون" ٣/ ٤٦٥ - ٤٦٦: قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾، "أن يغل": في محل رفع اسم كان، و"لنبي": خبر مقدم، أي: ما كان له غلول أو إغلال على حسب القراءتين. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بفتح الياء وضم الغين، من "غَلَّ" مبنيًا للفاعل، ومعناه: أنه لا يصحُّ أن يقع مِن النبي غلول لتنافيهما، فلا يجوز أن يُتَوَهَّمَ ذلك فيه البتة.
وقرأ الباقون: "يُغَلَّ" مبنيًا للمفعول. وهذه القراءة فيها احتمالان:
أحدُهما: أن يكون من "غَلَّ" ثلاثيًا، والمعنى: ما صَحَّ لنبي أن يَخُونَه غيره ويَغُلَّه، فهو نفي في معنى النهي، أي: لا يَغُلَّهُ أحدٌ.
والاحتمال الثاني: أن يكون من أغَلَّ رباعيًا، وفيها وجهان: أحدهما: أن يكون من أغَلَّه، أي: نسبه إلى الغُلُول كقولهم: أكْذَبْتَه، أي: نَسَبْتُه إلى الكذب، وهذا في المعنى كالذي قبله، أي نفيٌ في معنى النهي، أي: لا يَنْسبه أحدٌ إلى الغلول. والثاني: أن يكون من أغلَّه، أي: وجده غالًا كقولهم: أحمدتُ الرجلَ، وأبْخَلْتُه وأجبنتُه، أي: وجدته محمودًا وبخيلًا وجبانًا. والظاهر أن قراءة "يَغُلَّ" بالياء للفاعل لا يُقدَّر فيها مفعولٌ محذوف، لأن الغَرَضَ نفيُ هذه الصفة عن النبي من غير نظرٍ إلى تعلُّقٍ بمفعولٍ، كقولك: "هو يعطي ويمنع" تريد إثبات هاتين الصفتين. وقَدَّر له أبو البقاء مفعولًا، فقال: تقديره: أن يَغُلَّ المال أو الغنيمة.
وانظر "حجة القراءات" ص ١٧٩ - ١٨٠، و"الكشف عن وجوه القراءات" ١/ ٣٦٣ - ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>