للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"البُشرى يا عائشةُ، فقد أنْزَلَ اللهُ بَراءَتَكِ"، قالَت: وكُنتُ أشَدَّ ما كُنتُ غَضَبًا، فقال لي أبَوايَ: قومي إليه، فقلتُ: لا واللهِ لا أقُومُ إلَيهِ ولا أحْمَدُه ولا أحمَدُكما، ولكن أحْمَدُ اللهَ الذي أنْزَلَ براءَتي، لقد سَمِعْتُموهُ فما أنْكَرتُموهُ ولا غَيَّرْتُموهُ.

وكانت عائشةُ تقولُ: أمَّا زَيْنَبُ بِنتُ جَحْشٍ، فعَصَمَها اللهُ بدِينِها، فلم تقُلْ إلَّا خَيْرًا، وأمَّا أُختُها حَمْنَةُ، فهَلَكَتْ فيمَن هَلَكَ، وكانَ الذي يتكلَّمُ فيهِ: مِسْطَحٌّ وحَسَّانُ بن ثابِتٍ والمُنافِقُ عبدُ الله بنُ أُبَيٍّ، وهوَ الذي كانَ يَسْتَوْشيهِ (١) ويَجْمَعُه، وهو الذي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهم هوَ وحَمْنَةُ، قالت: فحَلَفَ أبو بكرٍ أنْ لا يَنْفَعَ مِسْطحًا بنافِعَةٍ أبدًا، فأنْزَلَ الله تعالى هذه الآية ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾ يعني أبا بكرٍ ﴿أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يَعني مِسْطَحًا، إلى قوله: ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: ٢٢] قال أبو بكرٍ: بَلَى والله يا رَبَّنا، إنَّا لنُحِبُّ أنْ تَغْفِرَ لنا، وعادَ له بما كانَ يَصْنَعُ (٢).

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديثِ هشامِ بن عُرْوةَ،


(١) المثبت من (أ) و (د) ونسخة بهامش (س)، ومعنى يستوشيه، أي: يستخرجه بالبحث والمسألة، ثم يفشيه ويشيعه ويحركه ولا يدعه يخمد، وفي (س): يسوسُه.
(٢) إسناده صحيح، وأخرجه تامًا ومقطعًا البخاري (٢٦٦١)، ومسلم (٢٧٧٠)، وأبو داود (٤٧٣٥) و (٥٢١٩)، والنسائي في "الكبرى" (١١٣٦٠). وهو في "المسند" (٢٤٣١٧). وانظر ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>