للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الحافظ ابنُ كثير: والذي يظهر مِن حال الترمذي أنه إنما طرأ عليه العمى بَعْدَ أن رَحَلَ وسَمِعَ، وكتب وذاكر، وناظر وصنّف (١).

وقد نقل الحافظ ابن حجر خبرًا عن الإدريسي بسندٍ له، قال أبو عيسى: كنتُ في طريقِ مكة وكنتُ قد كتبتُ جزأين مِن أحاديث شيخٍ، فمرَّ بنا ذلك الشيخ، فسألتُ عنه، فقالوا: فلان، فَرُحْتُ إليه وأنا أظهِرُ أن الجزأين معي، وإنما حملتُ معي في مَحْمِلِي جزأين غيرهما شِبههما، فلما ظفرتُ به سألتُه السماعَ، فأجاب وأخذ يقرأُ مِن حفظه، ثم لمح فرأى البياضَ في يدي، فقال: أما تستحي مني؟! فقصصتُ عليه القِصة، وقلت له: إني أحفظُه كُلَّه، فقال: اقرأ، فقرأتُه عليه على الوِلاء، فقال: هل استظهرتَ قبل أن تجيءَ إليَّ؟ قلتُ: لا، ثم قلت له: حدثني بغيره، فقرأ عليَّ أربعين حديثًا من غرائب حديثه، ثم قال: هاتِ، فقرأتُ عليه من أوله إلى آخره، فقال: ما رأيتُ مثلك! ثم نقل الحافظُ ابنُ حجر، عن الحافظ يوسفَ بنِ أحمد البغدادي: أن أبا عيسى أضرَّ في آخِرِ عمره، وقال: وهذا مع الحكاية المتقدمة عن الترمذي يردُّ على من زعم أنه وُلد أكمه (٢).


(١) "البداية والنهاية" ١١/ ٧٢.
(٢) "تهذيب التهذيب" ٣/ ٦٦٨ - ٦٦٩، وانظر القصة بسندها في "فضائل الكتاب الجامع" للحافظ أبي القاسم عبيد الإسعردي ص ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>