قُلْتُ: ابْتغاءَ العلمِ. قال: بَلَغني أنَّ الملائكةَ تَضعُ أجْنِحتَها لطالبِ العلمِ رِضًا بِما يَفْعلُ. قال: قُلْتُ لهُ: إنَّهُ حَاكَ - أوْ قال: حَكَّ - في نَفْسي شَيْءٌ من المَسْحِ على الخُفَّينِ، فَهل حَفِظْتَ من رَسولِ اللهِ ﷺ فيهِ شَيْئًا؟ قال: نَعَمْ، كُنَّا إذا كُنَّا سَفْرًا - أو مُسافرينَ - أُمِرْنا أنْ لا نَخْلعَ خِفَافنا ثلاثًا إلَّا من جَنابةٍ، ولكنْ من غَائطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ.
قال: فَقُلْتُ: فَهلْ حَفِظْتَ من رَسولِ اللهِ ﷺ في الهَوى شَيْئًا؟ قال: نَعَمْ، كُنَّا مَعَ رَسولِ اللهِ ﷺ في بَعْضِ أسْفارهِ، فَناداهُ رَجُلٌ كَانَ في آخرِ القَوْمِ بِصَوْتٍ جَهْوَريٍّ أعْرابيٌّ جِلْفٌ جافٍ، فقال: يا محمدُ، يا محمدُ. فقال لهُ القَوْمُ: مَهْ، إنَّكَ قد نُهيتَ عن هذا فأجابهُ رَسولُ اللهِ ﷺ على نحوٍ من صَوْتهِ:"هاؤُمُ" فقال: الرَّجُلُ يُحِبُّ القَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهمْ. قال: فقال رَسولُ اللهِ ﷺ: "المَرْءُ مَعَ من أحَبَّ".
قال زِرٌّ: فَما بَرِحَ يُحدِّثُني حتَّى حَدَّثَني أنَّ الله ﷿ جَعلَ بالمَغْربِ بابًا عَرْضُهُ مَسيرةُ سَبْعينَ عامًا للتَّوْبةِ، لا يُغْلَقُ ما لم تَطْلُعِ الشَّمْسُ من قِبلهِ، وذلكَ قَوْلُ اللهِ ﷿: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا﴾ الآية (١)[الأنعام: ١٥٨].
هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(١) بعضه صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كسابقه، وانظر تخريجه فيه.