للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جبْريلُ فقال: يا محمَّدُ، هذا وَقْتُ الأَنبياءِ مِن قَبْلِكَ، والوَقْتُ فيما بين هذين الوَقْتَينِ" (١).


(١) إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (٣٩٣). وهو في "المسند" (٣٠٨١)، وانظر تمام الكلام عليه فيه.
قوله: "حين كان الفَيْء مثل الشِّراك"، الفيء: ظل الشمسِ بعد الزوال، والشِّراك: أحد سيور النَّعْل التي تكون على ظهر القدم.
قال الإمام البغوي في "شرح السنة" ٢/ ١٨٣: ليس ذلك على معنى التحديد، ولكن الزوال لا يُستبان بأقلَّ منه، وليس هذا المقدارُ مما يتبين به الزوالُ في جميع البلدان والأزمان، إنما يتبيَّن في بعض الأزمنة في بعض البلدان، مثل مكة ونواحيها، فإن الشمس إذا استوت فوق الكعبة في أطول يوم من السنة لم يُرَ لشيءٍ من جوانبها ظلٌّ، فإذا زالت ظهرَ الفيء قَدْر الشراك من جانب الشرق، وهو أول وقت الظهر، وكل بلدٍ هو أقرب إلى وسط الأرض (أي: خط الاستواء) كان الظلُّ فيه أقصرَ.
وقوله: "حين وجَبَت الشمس"، أصل الوجوب: السقوط والوقوع، ومنه: وجبت الشمس وَجْبًا ووجوبًا، أي: غابت، كأنها تسقط مع المغيب.
وقوله: "يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك"، قال القاضىِ أبو بكر ابن العربي في "العارضة" ١/ ٢٥٧ - ٢٥٨: يفتقر إلى بيان المراد به، فإن ظاهره يوهم أن هذه الصلوات في هذه الأوقات كانت مشروعة لمن قبله من الأنبياء، فهل الأمر كذلك أم لا؟ والوجه فيه أن نقول - والله الموفق -: ثابت عن النبي أن جبريل قال له ذلك، والمعنى فيه: هذا وقتك المشروع لك، يعني الوقت الموسع المحدود بطرفين: الأول والآخر، وقوله: "ووقت الأنبياء قبلك": يعني ومثله وقت الأنبياء قبلك، أي: كانت صلاتهم واسعة الوقت، وذات طرفين مثل هذا، وإلا فلم تكن هذه الصلوات على هذا الميقات إلا لهذه الأمة خاصة، وإن كان غيرهم قد شاركهم في بعضها.

<<  <  ج: ص:  >  >>