مما كان يختصُّ به أو مما كان له فيه مشاركةٌ قوية. وقد شهد له العلماءُ بذلك، فقد قال أبو بكر بن العربي: وليس فيهم مثلُ كتاب أبي عيسى حلاوةَ مقطعٍ، ونفاسَةَ مَنْزعٍ، وعُذُوبَةَ مشرعٍ، وفيه أربعةَ عشرَ علمًا فرائد: صنَّف، وذلك أقربُ إلى العمل، وأسندَ وصحح، وأشهرَ وعدد الطرقَ، وجرَّح وعدل، وأسمى وأكْنى، وَوَصَلَ وقطع، وأوضح المعمولَ به والمتروك، وبيَّنَ اختلافَ العلماءِ في الردِّ والقبُولِ لآثاره، وذكر اختلافَهم في تأويله، وكل علم مِن هذه العلوم أصلٌ في بابه، فردٌ في نصابه (١).
وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن عمر بن رُشَيد: هذا الذي قاله القاضي أبو بكر في بعضه تداخُلٌ، مع أنه لم يستوف تعديدَ علومه، ولو عدَّد ما في الكتابِ من الفوائد - بهذا الاعتبار - لكانت علومُه أكثرَ من أربعة عشر: فقد حسَّن، واستغربَ، وبين المتابعةَ والانفرادَ، وزياداتِ الثقات، وبيّنَ المرفوعَ مِن الموقوف، والمرسلَ من الموصول، والمزيد من متصل الأسانيد، ورواية الصحابة بعضِهم عن بعضٍ، وروايةَ التابعين بعضهم عن بعض، ورواية الصاحب عن التابع، وعَدَّدَ مَنْ روى ذلك الحديث من الصحابة ومن تثبت صحبتُه ومن لم تثبت، ورواية الأكابر عن الأصاغِر إلى غير ذلك، وقد تدخل روايةُ الصاحب عن التابع تحت هذا، وتاريخ الرواة.
(١) عارضة الأحوذي شرح جامع الترمذي في مقدمة الكتاب.