للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الباب عن أبي هريرة، وعائشةَ، وأنسٍ، وأبي قتادةَ، وعبد الله بن عَمْرٍو.


= وأبي بن كعب، وبه قال مكحول، وهو قول الأوزاعي، والشافعي، وأبي ثور، فإن أمكن أن يقرأ في سكتة الإمام، وإلا قرأ معه.
وذهب قوم إلى أنه يقرأ فيما أسرَّ الإمام فيه القراءة، ولا يقرأ فيما جهر، يقال: هو قول عبد الله بن عمر، يروى ذلك عن عروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، ونافع بن جبير، وبه قال الزهري، ومالك، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وهو قولٌ للشافعي.
وذهب قوم إلى أنه لا يقرأ أحد خلف الإمام سواءٌ أسر الإمام أم جهر، يروى ذلك عن زيد بن ثابت وجابر، ويروى عن ابن عمر: إذا صلى أحدكم خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام ("الموطأ" ١/ ٨٦، وإسناده صحيح)، وبه قال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي، واحتجوا بحديث أبي هريرة: "ما لي أنازَع القرآن" (وهو الحديث التالي)، قلت: وذلك محمول عند الأكثرين على أن يجهر على الإمام بحيث ينازعه القراءة، والدليل عليه ما روي عن عمران بن حصين: أن نبي الله صلَّى بهم الظهر، فلما انفتل قال: "أيكم قرأ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّك الأَعْلَى﴾؟ " قال رجل: أنا، فقال: "علمت أن بعضكم خالَجَنيها" (مسلم: ٣٩٨).
قلنا: وجاء في حديث أبي هريرة: انتهى الناس عن القراءة مع رسول الله فيما يجهر فيه، وقيل: إنها من كلام الزهري، فهي مرسلة. وعلى كلا الحالين فهي زيادة صحيحة يعضدها قول الله : ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ [الأعراف: ٢٠٤]، فقد اتفق أهل العلم على أن المراد من قوله: ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾: وجوب الإنصات على المأموم في الصلوات التي يجهر فيها الإمام، كما في "جامع البيان" ٩/ ١٦٢ - ١٦٣، و"التمهيد" ١١/ ٣٠ - ٣١.
ويعضدها أيضًا قوله : "وإذا قرأ - يعني الإمام - فأنصِتُوا" أخرجه مسلم (٤٠٤) وغيره من حديث أبي موسى الأشعري، وهذا الإنصات إنما يكون في الصلاة الجهرية، وليس في السِّرِّية.

<<  <  ج: ص:  >  >>