للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديثِ يقولُ أحمدُ وإسحاقُ.

وقال بعضُ أهل العلم: إذا صلَّى الإمامُ جالسًا لم يُصَلِّ من خَلْفَهُ إلّا قيامًا، فإن صَلَّوْا قعودًا لم تُجْزِهِمْ. وهو قولُ سفيانَ الثَّوْرِيِّ، ومالكِ بن أنسٍ، وابن المباركِ، والشافعيِّ (١).


(١) قال الإمام البخاري بعد أن أورد حديث أنس (٦٨٩): قال الحُميدي: قوله: "وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسًا" هو في مرضه القديم، ثم صلى بعد ذلك النبي جالسًا والناس خلفه قيامًا، لم يأمرهم بالقعود، وانما يؤخذ بالآخِر فالآخِر من فعل النبي .
قال الحافظ: واستُدلَّ به على نسخ الأمر بصلاة المأموم قاعدًا إذا صلى الإمام قاعدًا، لكونه أقر الصحابة على القيام خلفه وهو قاعد، هكذا قرره الشافعي، وكذا نقله المصنف في آخر الباب عن شيخه الحُميدي، وهو تلميذُ الشافعي، وبذلك يقول أبو حنيفة وأبو يوسف والأوزاعي، وحكاه الوليدُ بنُ مسلم، عن مالك، وأنكر أحمدُ نسخَ الأمر المذكور بذلك، وجمع بين الحديثين بتنزيلهما على حالتين: إحداهما إذا ابتدأ الإمامُ الراتبُ الصلاة قاعدًا لمرض يُرجى برؤُه فحينئذٍ يُصلون خلفه قعودًا. ثانيهما: إذا ابتدأ الإمامُ الراتب قائمًا لَزِم المأمومين أن يصلوا خلفه قيامًا سواء طرأ ما يقتضي صلاة إمامهم قاعدًا أم لا، كما في الأحاديثِ التي في مرض موت النبي فإن تقريره لهم على القيام دلَّ على أنه لا يلزمهم الجلوس في تلك الحالة، لأن أبا بكر ابتدأ الصلاةَ بهم قائمًا وصَلَّوا معه قيامًا، بخلاف الحالة الأولى، فإنه ابتدأ الصلاة جالسًا، فلما صلوا خلفه قيامًا أنكر عليهم، ويقوّي هذا الجمع أن الأصل عدم النسخ، لا سيما وهو في هذه الحالة يستلزم دعوى النسخ مرتين، لأن الأصل في حُكم القادر على القيام أن لا يُصلي قاعدًا، وقد نسخ إلى القعود في حقَّ من صلى إمامُه قاعدًا، فدعوى نسخ القعود بعد ذلك يقتضي وقوع النسخ مرتين، وهو بعيد.
وقد قال بقول أحمد جماعةٌ مِن محدثي الشافعية كابن خزيمة وابن المنذر وابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>