للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَوضُوعه وطريقة تصنيفه واشتماله على علومٍ عدة، فإنه لم يَسْلَمْ مِن توجيه النقدِ إلى كتابه واتهامٍ له بعدم الاعتماد على ما ينتهي إليه مِن تصحيح وتحسين للأحاديث التي أدرجها في كتابه "الجامع"، فقد انتقده الإمامُ الذهبي في كتابه "ميزان الاعتدال" (١) في ترجمة كثير بنِ عبد الله المُزَني، فقال بعد أن نقل أقوالَ أهلِ العلم في تضعيفه ضعفًا شديدًا: وأما الترمذي فروى من حديثهِ "الصلحُ جائِزٌ بَيْنَ المسلمين" وصححه، فلهذا لا يعتمِدُ العلماءُ على تصحيح الترمذي!، وقال في ترجمة يحيى بن يمان: قال البخاري: فيه نظر، عن حجاج بن أرطاة، عن عطاء، عن ابن عباس أن النبي دخل قبْرًا ليلًا، فأُسرج له سِراجٌ. حسَّنه الترمذي مع ضعف ثلاثة فيه، فلا يُغترَّ بتحسين الترمذي!، فعند المحاققة غالبُها ضعافٌ.

وهذا الطَّعْنُ الذي انتهى إليه الذهبي غير مُسلَّم له على إطلاقه، وفيه ما فيه، فإن الإمام الترمذي إمام كبير في فقه الحديث والعلل والرجال، وقوله حُجَّة في علم الحديث، والذهبي نفسُه يَعُدُّهُ ممن يُعتمد قولهُ في الجرح والتعديل (٢). وهذه النقَداتُ القليلةُ التي وقعت له، وهي غير مسلَّمة في أغلبِها، لا تحطُّ مِن قدره، ولا تَغُضُّ من علمه، ولا تُنزِله عن رُتبته فما مِن حافظ من الحفاظ يُنَزَّهُ عما وقع فيه الإمامُ الترمذي، وهذه مؤلفاتهم بين


(١) ٣/ ٤٠٧.
(٢) في كتابه "ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل" ضمن أربع رسائل في الطبقة السادسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>