وقد قال غيرُ واحدٍ من أهلِ العلمِ في هذا الحديثِ وما يُشْبهُ هذا من الرِّواياتِ من الصِّفاتِ، ونُزولِ الرَّبَّ ﵎ كُلّ لَيْلة إلى السَّماء الدُّنيا، قالُوا: قد ثَبَتت الرَّواياتُ في هذا، ويُؤْمَنُ بِها ولا يُتوَهَّمُ، ولا يُقالُ: كَيفَ؟
هكذا رُوِي عن مالكٍ، وسُفيانَ بن عُيينةَ، وعَبد الله بن المُبَارَكِ أنهم قالوا في هذه الأحاديثِ: أمِرُّوها بِلا كَيفٍ. وهكذا قولُ أهلِ العلمِ من أهلِ السُّنَّةِ والجَماعَةِ، وأمَّا الجَهميّةُ فأنْكَرَتْ هذِهِ الرِّوايات، وقالُوا: هذا تَشْبِيهٌ.
وقد ذكَرَ اللهُ ﵎ في غيرِ مَوْضِعٍ مِن كِتابِه: اليَدَ والسَّمْعَ والبَصَرَ، فتأوَّلت الجَهْميّةُ هذِهِ الآياتِ ففَسَّرُوها على غيرِ ما فَسَّرَ أهلُ العلم، وقالوا: إنّ اللهَ لم يَخْلُقْ آدَمَ بِيَدِه، وقالُوا: إنَّ مَعنى اليَدِ هَا هنا القُوَّةُ.
وقال إسحاقُ بن إبراهيمَ: إنّما يكُونُ التَّشْبيهُ إذا قال: يَدٌ كَيَدٍ أو مِثْلُ يَدٍ، أو سَمْعٌ كَسَمْعٍ أو مِثْلُ سَمْعٍ، فإذا قال: سَمْعٌ كَسَمْعٍ أو مِثْلُ سَمْعٍ، فَهذا التّشْبِيهُ.
وأمَّا إذا قال كَما قال اللهُ تَعالى: يَدٌ وسَمْعٌ وبَصَرٌ، ولا يقولُ كَيفَ ولا يقولُ مِثلُ سَمْع ولا كَسَمْعٍ، فهذا لا يكون تَشْبِيهًا، وهو كما قال اللهُ تَعالى في كِتابِه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١].