للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأخر، وهو ظاهر، ولا أنه يجب أن يتوجه إلى البيت من خارج، حتى لا تجوز الصلاة داخل البيت، إما الفرض كما ذهب إليه مالك وأحمد في رواية، وإما مطلقًا كما حكي عن محمد بن جرير.

ثم قد اختلفت الرواية في صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- داخل البيت، فروى أسامة وابن عباس عنه أنه لم يصل، وروى بلال وابن عمر عنه أنه قد صلى، ورجح رواية بلال؛ لأنه مثبت، وخبر أسامة ناف، وخبر المثبت مقدم؛ لأنه معه زيادة علم، كما تقرر في أصول الفقه، ويشبه أنهم لما دخلوا الكعبة أغلقوا الباب، وقام كلٌّ في ناحية، واشتغل بالدعاء في ناحية، فرأى أسامة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يدعو، ثم اشتغل أسامة بالدعاء في ناحية من نواحي البيت، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ناحية أخرى، وبلال قريب منه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فرأى بلال صلاته لقربه منه، ولم يره أسامة لبعده واشتغاله بالدعاء، وكانت صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- خفيفة، والباب مغلق.

قال في (المواهب اللدنية) (١): وأقرب ما قيل في الجمع أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى في الكعبة لما غاب [عنه] أسامة من الكعبة لأمرٍ ندبه إليه، وهو أن يأتي بماء يمحو به الصور التي كانت في الكعبة، فأثبتها بلال لرؤيته لها، ونفاها أسامة لعدم رؤيته، ويؤيده ما رواه أبو داود الطيالسي عن أسامة بن زيد قال: (دخلت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-[في الكعبة] فرأى صورًا، فدعا بدلو من ماء، فأتيته به فجعل -صلى اللَّه عليه وسلم- يمحوها)، ورجاله ثقات، انتهى. هذا وقد نقل صاحب (المواهب) عن أحمد والطبراني من حديث ابن عمر: أن أسامة أخبره أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى في الكعبة، والجمع بينه وبين خبر ابن عباس عن أسامة -رضي اللَّه عنهم- بأن أسامة حيث أثبتها اعتمد في ذلك على خبر غيره، وحيث نفاها أراد ما في علمه؛ لكونه لم يره حين صلّى، ويكون ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- ابتدأ بلالًا بالسؤال، ثم أراد زيادة الاستثبات في


(١) "المواهب اللدنية" (١/ ٥٩١ - ٥٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>