للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ، قَالَ: فَوَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ، فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَعَلِمْتُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَتَلَا: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: ٧٥]. رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ مُرْسَلًا،

ــ

على القول المختار.

وقوله: (في أحسن صورة) إن كان حالًا من الفاعل فلا محذور، وإن كان من المفعول فالمراد به الصفة، وإطلاق الصورة عليها شائع.

وقوله: (فيم يختصم الملأ الأعلى؟ ) المراد بهم الملائكة، والملأ اسم لأشراف القوم؛ لأنهم يملؤون المجالس أو يملؤون العيون رواءً والقلوب مهابةً. واختصامهم تقاولهم في فضائل تلك الأعمال، أو مبادرتهم إلى ثبتها في الصحائف والصعود بها إلى السماء، واغتباطهم الناس في اختصاصهم بتلك الفضائل مع تماديهم في الشهوات.

وقوله: (فوضع كفه بين كتفي) مجاز عن تخصيصه بمزيد الفضل عليه، وإيصال فيضه إليه، كما يفعل الملوك ببعض خدمهم إذا أرادوا أن يخصوهم بمزيد القرب، وإفاضة سوابغ نعمهم. ووجدان البرد بين ثدييه عن وصول أثر الفيض إلى قلبه الشريف وتأثره عنه، يقال: ثلج صدره، وأصابه برد اليقين: لمن تيقن الشيء، ولما كان وصول هذا الفيض إلى قلبه سببًا لاتساع علومه فرع عليه قوله: (فعلمت ما في السماوات والأرض) كناية عن حصول جميع العلوم، واستشهد على إمكانه وحصوله بقوله: ({وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}) والملكوت فَعَلُوت من الملك للمبالغة.

وقوله: (رواه الدارمي) زاد في بعض النسخ: (مرسلًا)؛ لأن عبد الرحمن بن

<<  <  ج: ص:  >  >>