للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٧٨، م: ٤١٠].

ــ

ويمكن أن يكون المسنون هنا المبادرة إلى التأمين، والمقارنة والمعية مع الإمام فيه، كما نقل الطيبي (١) عن الخطابي من قوله: أي قولوا: آمين مع الإمام، حتى يقع تأمينكم وتأمينه معًا، ولا يدل على أنهم يؤخرون عن وقت تأمينه، كما يقول القائل: إذا رحل الأميرُ فارحلوا، يريد إذا أخذ الإمام في الرحل فتهيؤوا في الارتحال، فتكون رحلتكم مع رحلته، فافهم.

وقوله: (فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة) تعليل للمقدر في الكلام، وهو فإن الملائكة تؤمّن، وقد صرح به في الرواية الأخرى، فيكون معنى قوله: (فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة) أي: وافق قوله: آمين قول الملائكة إياه، وقيل: وافق في الصفة من الخشية والإخلاص، وقيل: هو أن يكون دعاؤه لعامة المؤمنين كالملائكة، وقيل: معناه من استجيب له كما يستجاب للملائكة، نقل المعاني الأربعة القاضي عياض (٢)، والأظهر هو الأول؛ لقوله في الرواية الأخرى: (فإن الملائكة تؤمن).

هذا، وقد يختلج أنه كان الظاهر أن يقال: (استجيب له) مكان (غفر له)، وكأنه جعل اللَّه سبحانه مغفرة الذنوب من خصائص هذه الموافقة ولوازمها مع حصول الاستجابة أيضًا، ولعل الملائكة يستغفرون لهم في هذا الوقت، كما للجالس في مصلاه منتظرًا للصلاة، وذلك من شأن الملائكة دائمًا بقوله تعالى: {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الشورى: ٥]، خصوصًا عند مباشرة أمر الخير، فافهم.


(١) "شرح الطيبي" (٢/ ٣١٠).
(٢) "مشارق الأنوار" (١/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>