للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٢٧ - [٦] وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَتَادَةَ: "وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا".

ــ

والمراد بسماع اللَّه قبوله، يقال: سمع الأمير كلامَ فلان: أي قبله، فهو دعاء بقبول الحمد، كذا قال ابن الهمام (١)، ويحتمل أن يكون إخبارًا للترغيب والحمل على الحمد، وهو الظاهر من لفظ الحديث، وهو قوله: (يسمع اللَّه لكم).

ثم هذا الحديث متمسك الإمام أبي حنيفة في قوله بإتيان الإمام التسميع والمأموم التحميد، وأن لا يجمع الإمام بين التسميع والتحميد؛ لأن هذا قسمة، والقسمة تنافي الشركة، ولهذا لا يأتي المقتدي التسميع عندنا، وعند الشافعي -رحمه اللَّه كما ذكره الطيبي (٢) -: يجمع بينهما الإمام والمأموم والمنفرد؛ لحديث أبي هريرة: (كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع اللَّه لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، ثم يكبر حين يهوي ساجدًا) الحديث، وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وهذا الحديث يدل على الجمع بين الذكرين، وأن التسميع ذكر حالة الانتقال، والتحميد حالة القيام.

وعلى وفقه ذكر في (جامع التمرتاشي) من أهل مذهبنا وقال: فإن لم يأت بالتسميع حالة الرفع لا يأتي حالة الاستواء، وقيل: يأتي بهما، ومذهب مالك أيضًا مثل مذهب أبي حنيفة -رحمهما اللَّه-، وكذا مذهب أحمد في المشهور عنه تمسكًا بالحديث المذكور، وقد رواه أصحاب السنن إلا ابن ماجه، وذهب أبو يوسف ومحمد إلى أن الإمام يجمع، وهو مختار الطحاوي، ورواية عن أبي حنيفة، ولكن يأتي بالتحميد في نفسه سرًّا، وأما المنفرد فيجمع، وقد يروى الاكتفاء بأحدهما، وكذا عند أحمد.

٨٢٧ - [٦] (أبو هريرة، وقتادة) قوله: (وإذا قرأ فأنصتوا) هذا دليل على مذهب


(١) "شرح فتح القدير" (١/ ٢٩٨).
(٢) "شرح الطيبي" (٢/ ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>