للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَمَّا الرُّكوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: ٤٧٩].

ــ

وقال الطيبي (١) عن الخطابي: كأنه كره أن يجمع بين كلام اللَّه سبحانه وكلام الخلق في موضع واحد، فيكونان على السواء، واللَّه أعلم.

ثم اختلفوا في بطلان الصلاة، والمختار أنه لا يبطل.

ثم اعلم أنه قد قيل في معنى قوله: (فأما الركوع فعظموا فيه الرب): أي شاهدوا عظمته وكبرياءه، فإن في كل موطن من مواطن الصلاة وهيئة من هيئاتها تجليًا للحق سبحانه، وللعبد العارف شهودًا مناسبًا له، وفي السجود غاية الفناء والقرب، كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، وهو يقتضي بموجب قوله تعالى: {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦] أن يدعوه سبحانه كما قال.

وقوله: (وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم) والقمن بفتح القاف والميم وكسرها، والقمين: الخليق والجدير، كذا في (القاموس) (٢)، وقد ورد في الدعاء في السجود قولًا وفعلًا أحاديث كثيرة، لكن ينبغي أن يعلم أن الدعاء على نوعين:

أحدهما: دعاء ثناء وتمجيد وتكبير وتقديس، بأن يدعو العبد ربَّه بحمد وثناء، فإن الحمد والثناء للكريم يتضمن السؤال والطلب على وجه التعريض، ومحصل للمطلوب على وجه أتم وأكمل بموجب (من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين).


(١) "شرح الطيبي" (٢/ ٣٢٩).
(٢) "القاموس المحيط" (ص: ١١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>