للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ،

ــ

عفريت نفريت إتْباع، وفي الحديث (١): (إن اللَّه يبغض العفريت النفريت)، وهو الداعي الخبيث، وقد تكسر الفاء وتشدد الراء وهو الناقد في الأمر المبالِغ فيه مع دهاء، وفي الحديث أيضًا (٢): (أول دينكم نبوة ورحمة، ثم ملك ورحمة، ثم ملك أعفر)، أي: يساس بالنُّكر والدهاء، وقال الزمخشري: العِفْر والعفريت: القوي المتشيطن الذي يَعْفِر قرنه، انتهى، وعلى هذا من العفر والتعفير بمعنى التمريغ في التراب.

وقوله: (من الجن) بيان له؛ لأنه يقال للرجل أيضًا.

وقوله: (تفلت) التفلُّت والانفلات والإفلات: التخلص من الشيء فجاءة، وتقول: أفلت مني وتفلت: إذا نازعك في الغلبة والهرب، ثم فلت وهرب وتفلت، ذلك العفريت كان ممن أسرهم سليمان عليه السلام.

وقوله: (البارحة) اسم للَّيلة الماضية، وإذا أخبر قبل الزوال يقال: تفلَّت الليلة، وبعد الزوال: البارحةَ.

وقوله: (فأمكنني اللَّه منه) أي: أقدرني عليه، و (السارية) الأسطوانة.

وقوله: (حتى تنظروا إليه) فيه دليل على وجود الجن وجواز رؤيتهم، وقوله تعالى: {مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} محمول على غالب الأحوال وعلى أنهم أجسام كثيفة يمكن أخذهم وربطهم وسبيهم، إلا أن يقال: إن ذلك بالتصور والتمثل كما يقول من قال:


(١) انظر: "بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث" (٢٤٨).
(٢) أخرجه الدارمي (٢١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>