للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٤٦١، م: ٥٤١].

ــ

إنهم أجسام لطيفة روحانية، واللَّه أعلم.

وقد ثبت وجودهم بالكتاب والسنة، وللسيوطي رسالة مسماة بـ (التقاط لقط المرجان في أحكام الجان) أثبت فيها وجودهم وابتداء خلقهم وأحوالهم من الأكل والشرب، ونكاحهم فيما بينهم ومع الإنس، ومساكنهم وغرائب أحوالهم في الحياة والممات، ما يدل على [أنَّ] إنكار وجودهم، أو تأويلَ وجودهم بأنها الأرواح الخبيثة المفارقة للأبدان كما يقول بعض الفلاسفة، جهلٌ وباطل.

وقوله: (فذكرت دعوة أخي سليمان. . . إلخ) المراد بدعوته قوله: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: ٣٥]، ومن جملته تسخير الريح والجن والشياطين والتصرف فيهم، يعني: لو أخذتُه وربطته بالسارية لظهر تصرفي في الجن، وهو مخصوص بسليمان عليه السلام، فيلزم عدم إجابة دعائه، فتركه ليبقى دعاؤه محفوظًا في حقه، ونبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- كان له التصرف والقدرة على ذلك على وجه الأتم والأكمل، ولكن التصرف في الجن في الظاهر كان مخصوصًا بسليمان عليه السلام، فلم يظهره -صلى اللَّه عليه وسلم- لأجل ذلك، فافهم.

وقيل: يمكن أن يكون عموم دعاء سليمان عليه السلام مخصوصًا بغير سيد الأنبياء -صلى اللَّه عليه وسلم-، بدليل إقداره على أخذه ليفعل فيه ما يشاء، ومع ذلك تركه على ظاهره رعاية لجانب سليمان عليه السلام، واللَّه أعلم.

وقوله: (فرددته خاسئًا) أي: صاغرًا ذليلًا حيث لم يظفر بمراده، يقال: خَسَأْتُ الكلب بالهمزة: طردته، وخسأ لازم ومتعد، يقال: خسأ الكلبُ وانخسأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>